وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر، لا تنفَّذُ وصيتُه، فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون، وصرَّح به المحققون، وقيل: مكروه. قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يكون بقرب مكة، أو المدينة، أو بيت المقدس، فينقل إليها لبركتها. وإذا أوصى بأن يدفن تحته مضربة، أو مخدة تحت رأسه، أو نحو ذلك، لم تنفذ وصيته.
ــ
بما كره اهـ، والظاهر أنه حيث لم يوص واحتاج الدفن ولذلك أخرج من رأس المال وإن لم يرضوا به لأنه من مصالح الدفن الواجب كما في شرح الروض وغيره. قوله:(وإِذَا أَوصَى بأَنْ يُنقَلَ إِلى بَلدٍ آخرَ لَا تَنفُذ وصِيتُهُ) أي سواء كان قبل الدفن أو بعده وقضية قوله إلى بلد آخر الخ. إنه لا يحرم نقله لتربة ونحوها والظاهر أن كل ما ينسب لبلد الموت يحرم النقل إليه فلا تنفذ الوصية وقد
جزم غير واحد بحرمة نقله إلى محل أبعد من مقبرة محل موته أشار إليه ابن حجر في التحفة. قوله:(قَال الشَّافِعيُّ إلا أَنْ يكُونَ بقُرْب مكَةَ الخ) أي حرمها وكذا البقية وبحث المحب الطبري في إلحاق قرية بها صلحاء بالمساجد الثلاثةَ فيما ذكر قيل وعليه فيكون أولى من الدفن مع أقاربه في بلده أي لأن انتفاعه بالصالحين أقوى منه بأقاربه. قوله:(فَيُنقَلُ إِليهَا) أي حيث لم يخش تغير الميت وكان النقل بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه وإلا حرم نقله لأن الغرض تعلق بأهل محل موته فلا يسقط حل النقل وينقل أيضًا لضرورة كان تعذر إخفاء قبره ببلد كفار أو بدعة وخشي منهم نبشه أو إيذاؤه وقضية ذلك إنه لو كان نحو السيل يعم مقبرة البلدة ويغسلها جاز لهم النقل إلى ما ليس كذلك ويحث بعضهم في جواز النقل لأجل المساجد الثلاثة بعد دفنه إذا أوصى به ووافقه غير فقال بل هو قبل التغير واجب قال بعض المتأخرين وفيهما نظر وعلى كل فلا حجة فيما رواه ابن حبان إن يوسف - عليه السلام - نقل بعد موته بسنين إلى جوار جده - عليه السلام - وإن صح إن الناقل له موسى - عليه السلام - لأنه ليس من شرعنا ومجرد حكايته - صلى الله عليه وسلم - لا يجعله من شرعنا. قوله:(وإِذَا أَوصَى بأَنْ يُدفَنَ تَحتَهُ مِضربة الخ) أي يكره تنفيذها لما فيها من إضاعة المال