وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه، قال: مَرُّوا بجنازة فأثْنَوا عليها خيرًا، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَجَبَتْ"، ثم مَرُّوا بأخرى،
ــ
الصلاح ينبغي الجزم بنفع اللهم أوصل ثواب ما قرأناه أي مثله فهو المراد وإن لم يصرح به لفلان لأنه إذا نفعه الدعاء بما ليس له فما له أولى ويجري هذا في سائر الأعمال وبما ذكره في أوصل ثواب ما قرأناه الخ. يندفع إنكار البرهان الفزاري قولهم اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان خاصة وإلى المسلمين عامة لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه اهـ، وقال الزركشي الظاهر خلاف ما قاله فإن الثواب يتفاوت فأعلاه ما خصه وأدناه ما عمه وغيره والله يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما شاء ومنع التاج الفزاري من إهداء القرب لنبينا - صلى الله عليه وسلم - معللًا بأنه لا يتجرأ على جنابه الرفيع بما لم يؤذن فيه وهو مما انفرد به ومن ثم خالفه غيره واختاره السبكي. قوله:(ويستَحبُّ الثناءُ علَى الميت الخ) أي إن كان أهلا لذلك لكن بلا إطراء كما سبق بيان ذلك.
قوله:(وَرَوَيْنَا في صحيحَي البُخَارِي ومُسلمٍ الخ) قال الحافظ وأخرجه أحمد وابن ماجة وللشيخين فيه طرق منها عندهما عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه أيضًا من طريق وفيه فقال عمر فداك أبي وأمي وقال فيه من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض قالها ثلاثًا ولفظ مسلم من هذه الطريق فيها وجبت وجبت
وجبت في الموضعين ورواية البخاري أخصر منها وليس فيها التكرار اهـ. بمعناه وأخرج الحافظ حديث أنس من وجه آخر قال فيه فائدة زائدة فقال عن أنس قال كنت قاعدًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمرت به جنازة فقال ما هذه الجنازة قالوا جنازة فلان الفلاني كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها فقال وجبت جبت وجبت ثم مر بجنازة أخرى فقال ما هذه الجنازة فقالوا جنازة فلان الفلاني كان يبغض الله ورسوله ويعمل بمعصية الله وزسوله ويسعى فيها فقال وجبت وجبت وجبت فقالوا يا رسول الله أثني على الأولى خير وعلى الأخرى شر فما قولك فيهما وجبت فقال نعم يا أبا بكر إن لله ملائكة ينطقون على السنة بني آدم بما في المؤمن الخير والشر وقال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث حسن أخرجه الحاكم على شرط مسلم