للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللهُم أنْتَ اللهُ، لا إلهَ إلَّا أنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَراءُ، أنزِلْ عَلَينا الغَيثَ، وَاجْعَلْ ما أَنْزَلْتَ لنَا قوَّة وَبَلاغًا إلى حِينٍ"، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبْطيه،

ــ

قيل وهو أبلغ عند الأكثر أي مالك كل شيء وقت وحين والتخصيص لعظمة يوم الدين وفيه إيماء إلى أن هذا البلاء مجازاة في الدنيا لما صدر من العباد من التقصير في العبودية كما أشار إليه في هذا الخبر وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠]. قوله: (يفْعلُ مَا يُريدُ) لا راد لحكمه ولا معقب لأمره وفيه إشارة إلى مقام التفويض والتسليم دائمًا لأنه لا يجب عليه سبحانه شيء كما ورد يا عبدي تريد وأريد ولا يكون ما أريد فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط وقد عقد هذا المعنى أبو الدرداء رضي الله عنه فقال:

تريد النفس أن تبلغ مناها ... ويأبى الله إلَّا ما أرادا

يقول العبد فائدتي ومالي ... وتقوى الله أولى ما استفادا

قوله: (لَا إِلَه إلا أَنْتَ) تأكيد لما قبله. قوله: (الْغني) أي بالذات عن العبد وعمله وبالعرض إن كل من في السموات والأرض إلَّا آتي الرحمن عبدا. قوله: (ونَحنُ الْفقرَاءُ) أي الملازمون للافتقار المحتاجون إليك في الإيجاد والإمداد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ والله هو الغني

الحَمِيدُ} [فاطر: ١٥] وفيه المحسنات البديعية أي مقابلة الجمع بين الغني والفقير. قوله: (فأَنْزلْ عَليْنا الْغَيثَ) هو بفتح همزة أنزل وفي نسخة من المشكاة غيثا أي أنزل غيثا يغيثنا ويعيننا فقد عرفنا قدر النعم عند فقد بعضها. قوله: (قُوتَ عيشِنَا) أي يحصل به القوت المقوي على العبادة والمعنى اجعله نفعًا لنا لا مضرة علينا. قوله: (وبَلاغًا) أي زادا يبلغنا وقال الطيبي البلاغ ما يتبلغ به إلى المطلوب. قوله: (إِلى حِين) أي إلى آجالنا والمراد اجعل الخير الذي أنزل علينا سببًا لقوتنا على الطاعة ومددًا لنا مددًا طوَالًا. قوله: (حَتى بدَا بَيَاضُ إبطَيْه) وفي رواية عفرة إبطيه ولا تخالف لأنها عفرة نسبية لا سيما مع وجود الشعر في ذلك المحل ودعوى إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له شعر فيه لم تثبت بل ثبت نتفه - صلى الله عليه وسلم - للشعر من ثمة وفيه المبالغة في الرفع وهو المراد بما ورد ولم يرفع يديه - صلى الله عليه وسلم - إلّا في الاستسقاء أي رفعا تامًّا وإلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>