في كتابه المسمى بالمجموع الحاوي لما وقع من الفتاوى. قوله:(لَبيكَ اللَهُمَّ لَبيَّكَ) لبيك مثنى مضاف منصوب بعامل لا يظهر قصد به التكثير إجابة لدعوة سيدنا إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام ومعناه أقمنا على طاعتك إجابة بعد إجابة هذا مذهب سيبويه وعليه أكثر النّاس ويؤيده قلب الألف ياء مع المظهر قيل وأصله البابين فحذفت النون للإضافة وحذف الزوائد وأدغم الياء الأولى في الثانية وحركت اللام بالفتح لتعذر
الابتداء بالساكن وقال يونس بن حبيب البصري لبيك اسم مفرد لا مثنى قال وألفه إنما قلبت ياء لاتصالها بالضمير كلدي وعلي وأصل الفعل منهما لبب بتشديد الأولى فاستثقلوا ثلاث باآت فأبدلوا الثالثة ياء عند اتصال الضمير كما قالوا تظنيت من الظن والأصل تظننت وأصل الألف ياء قلب مع الضمير لأصله ياء كما في عليك ولديك، ورد سيبويه قول يونس بأنه لو كان مفردًا لما قلبت ألفه ياء مع الاسم الظاهر وأنشد قول الشاعر:
دعوت لما نابني مسورًا ... فلبى قلبي يدي مسور
قال المصنف واختلفوا في معنى لبيك واشتقاقها فقيل معناه إتجاهي وقصدي إليك مأخوذ من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها. وقيل معناه محبتي لك من قولهم إمرأة لبة إذا كانت محبة ولدها عاطفة. وقيل معناه إخلاص لك مأخوذ من قولهم حسب لباب إذا كان خالصًا مخلصًا ومن ذلك الطعام ولبابه، وقيل معناه أنا مقيم على طاعتك وإجابتك مأخوذ من قولهم لب الرجل بالمكان وألب إذا أقام فيه ولزمه قال ابن الأنباري وبهذا قال الخليل والأخفش، قال القاضي قيل هذه الإجابة لقوله تعالى لإبراهيم - عليه السلام -: (وَأذِّن في النَّاسِ بِالحْجِّ)[الحج: ٢٧]، وقال إبراهيم الحربي في معنى لبيك أي قربًا منك وطاعة والألباب القرب وقال أبو نصر معناه أنا ملب بين يديك أي خاضع هذا آخر كلام القاضي اهـ. قال السيوطي في حواشي سنن أبي داود وإذا كان المعنى في التلبية أنا مقيم على عبادتك وطاعتك فهل المراد كل عبادة الله تعالى أي عبادة كانت أو المراد العبادة التي هو فيها من الحج، الأحسن عند المعتبرين الثاني للاهتمام بالمقصود اهـ. قوله:(لَا شَرِيكَ لكَ) لا في الكلام لاستغراق