السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبد الله على سَقَّاطٍ، ولا صاحب بَيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يومًا، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما
تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السِّلَع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق؟ قال: وأقول: اجلس بنا ها هنا نتحدث، فقال لي ابن عمر:
ــ
أمن اللبس. قوله:(سقاط) بتشديد القاف وبالطاء المهملة آخره قال في النهاية هو الذي يبيع سقط المتاع وهو رديئه وحقيره. قوله:(ولا صاحب بيعة) أي نفيسة لقرينة مقابلته بالسقاط قال الطيبي وهو بفتح الموحدة الصفقة وبكسرها الحالة كالركبة والقعدة وقوله (إلا سلم عليه) الظاهر أن المسلم هو ابن عمر ويحتمل العكس كما في المرقاة. قوله:(فاستتبعني إلى السوق) أي طلبني أتبعه للسوق وطلب ابن عمر ذلك من ابن الطفيل ليرى إفشاءه
للسلام على الخاص والعام فيقتدي به في هذا المقام فيحصل له ثواب الفعل ولابن عمر ثواب الدلالة والله أعلم. والسوق مؤنثة وقيل: يجوز تذكيرها وسميت بذلك لسوق البضائع إليها وقيل: لأن النّاس يقفون فيها على ساق وقيل لأن النّاس يضرب ساق بعضهم فيها ساق بعض من الازدحام وتعقب الأخيران باختلاف المادة فمادة السوق من ذوات الواو والساق من ذوات الهمز قيل: فالأول من الثلاثة المتعين. قوله:(ما تصنع بالسوق الخ) ما فيه استفهامية وجملة (وأنت لا تقف الخ) في محل الحال وكذا ما بعدها والسلع بكسر ففتح جمع سلعة والمذكور غالب ما يقصد من الأسواق وقد ظن الطفيل أن السوق مقصود للمطالب الدنيوية من البيع والسوم والتفرج على ما يحدث فيه وكل ذلك ليس مرادًا لعبد الله بن عمر فلا فائدة في ذهابه للسوق فأرشده عبد الله رضي الله عنه إلى أنه أيضًا يكون سوقًا لمتجر الآخرة وذلك بأن يفشي فيه السلام على الخاص والعام المأمور بإفشائه في حديث سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم - وذلك يتيسر فيه لكثرة النّاس فيه والله أعلم، ثم لا منافاة بين قضية حديث ابن عمر وما سيأتي آخر الباب وهو ما في الروضة وغيرها من أن من كان بشارع أو سوق يطرق كثيرًا أو نحوه مما يكثر فيه المتلاقون