يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن، إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقيناه.
وروينا في "صحيح البخاري" عنه
ــ
إنما يسلم على بعض النّاس دون بعض لأنه لو سلم على الجميع تعطل عن كل مهم وخرج به عن العرف اهـ. لأن حديث ابن عمر يمكن حمله على ذلك بأن يراد ولا أحد أي مما لا يؤدي السلام عليه إلى ذوات ما هو أهم منه وإلا فيعدل إلى ذلك كأمر بمعروف ونهي عن منكر أو يقال في الجمع إن مراد الفقهاء سقوط الطلب عن المكلف حينئذٍ فإذا أتى به الإنسان فلا منع منه لما فيه من الحرص على الخير وعليه يحمل ما جاء عن الصحابي والله أعلم. قوله:(يا أبا بطن) فيه أن ذكر بعض خلقة الإنسان إذا لم يتأذ بذكره ولم يقصد به الإهانة وإدخال العيب لا يكون محرمًا منهيا عنه وقوله (وكان الطفيل) في المشكاة قال وكان الطفيل بزيادة قال وهو محتمل أن يكون صدر هذا القول من الراوي عنه أو من الطفيل نفسه وقوله (ذا بطن) أي كبير لا أنه صاحب أكل كثير كما في يتوهم. قوله:(من أجل السلام) أي لنؤديه ونفشيه على من لقيناه. قوله:(لقيناه) هو بكسر القاف وسكون التحتية وبإثبات الضمير في نسخة وفي نسخة لقينا بفتح الياء واللقاء يحصل من الجانبين والظاهر أن المراد بالسلام أعم من ابتدائه وجوابه ففي كل منهما فضيلة كاملة.
فائدة
قال في المرقاة هذا الحديث يناسب ما اختاره السادة النقشبندية من حصول الخلوة في الأسواق وبين الجماعة، قلت قيل للخواجة بهاء الدين نقشبندي قدس سره كيف يعقل هذا فتلا قوله تعالى:{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} اهـ. ثم قال في المرقاة ولعل وجهه من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين" رواه البزار والطبراني في الأوسط كلاهما من حديث ابن مسعود والحديث الآتي فيما يقول: إذا دخل السوق من رواية أبي داود والترمذي والحاكم من حديث عمر مرفوعًا من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله الخ ولعل وجه الحكمة في ذلك أن الله ينظر إلى
عباده نظر رحمة وعناية في كل آن فكل من غفل فاته وكل من شهد وحضر أدركه بل وأخذ من نصيب غيره ولعل هذا هو الباعث على الترغيب على الجماعة والجماعة ومجالس الذكر فإنه بمنزلة المائدة الجامعة لأنواع المشتهيات فكل من يكون