للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"لا يجزيء إلا أن يردوا جميعاً" قال أبو جعفر: ولا نعلم في هذا الباب شيئا روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا حديث مالك عن زيد بن أسلم وشيء يروى فيه عن النضر مولى عمر بن عبيد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلاهما لا يحتج به وإنما فيه إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم وإنما هو ابتداء السلام وابتداء السلام خلاف رد السلام لأن السلام من المبتدئ تطوع ورده فريضة وليس هو من فروض الكفاية إذ لو كان مع القوم نصراني فرد دون أحد من المسلمين لم يسقط ذلك عنهم فرض السلام فدل على أن فرض السلام من الفروض المتعينة التي تلزم كل إنسان بنفسه، ونازعه ابن عبد البر بأن قوله إن حديث

زيد في الابتداء غير مسلم له ما ادعاه وظاهر الحديث يدل على خلاف ما تأول فيه وذلك قوله: أجزأ عنهم لأنه لا يقال: أجزأ عنهم إلا فيما في وجب عليهم والابتداء بالسلام ليس بواجب عند الجميع ولكنه سنة والرد واجب عند الجميع فاستبان بقوله: أجزأ عنهم أنه أراد بالحديث الرد الواجب فبطل قول الطحاوي أي من تعينه وصح قول فقهاء الحجاز أي أنه فرض كفاية وبأن قوله: لا يروى في هذا الباب إلا حديث زيد الخ، ليس كما قال: عندنا وروينا بإسناد متصل الظاهر من حديث علي رضي الله عنه معنى ما ذهب إليه مالك والشافعي ومن قال بقولهم: ففيه بيان موضع الخلاف حيث قال: ويجزيء عن القعود أن يرد أحدهم وقطع التنازع أن سوي بين الابتداء والرد وجعل ذلك على الكفاية والحديث حسن لا معارض له وقد روى ابن جريج هذا الخبر عن زيد بن أسلم بهذا المعنى مكشوفاً فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مر القوم على المجلس فسلم رجل منهم أجزأ ذلك عنهم وإذا رد من أهل المجلس رجل أجزأ ذلك عنهم" قال أبو عمر: روي في هذا الباب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يصح بهذا المعنى فيه شيء غير ما ذكرناه اهـ. وقوله: الإجزاء يختص بالواجب أي عند جمع منهم الطحاوي فالخبر حينئذٍ صريح في المدعي من أن ذلك السقوط في الرد الواجب والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>