في حديث المسيء صلاته "أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسلَّم عليه، فرد عليه السلام، وقال: "ارْجِعْ فَصَلِّ فإنكَ لَمْ تُصَلِّ"، فرجع فصلى، ثم جاء فسلَّم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى فعل ذلك ثلاث مرات".
ــ
رفاعة بن رافع قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد إذ دخل رجل كالبدوي فصلّى فأخف صلاته ثم انصرف فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر الحديث بنحوه وقال الحافظ بعد تخريجه: أخرجه الترمذي والنسائي قال الحافظ: وللحديثين طرق فيها ألفاظ زائدة قد استوعبتها في فتح الباري وفيه أن اسم الرجل المذكور خلاد والله أعلم. قوله:(في حديث المسيء صلاته) هو خلاد بن رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري. قوله:(فسلم عليه الخ) قال الزركشي في أحكام المساجد: هذه مسألة حسنة هي أن الداخل المسجد لو رأى فيه جماعة فالظاهر من حديث رفاعة أن يشرع في التحية قبل السلام عليهم وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر عليه صلاته ولم ينكر عليه تأخير سلامة إلى بعد الصلاة اهـ بالمعنى. قوله:(فصلى) أي الصلاة الشرعية ذات الركوع والسجود. قوله:(فردّ عليه السلام) أي ردّ النبي -صلى الله عليه وسلم- السلام عليه. قوله:(فإنك لم تصل) فيه أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته ولا يسمّى مصلياً شرعاً. قوله:(فرجع فصلى ثم جاء فسلم) فيه استحباب السلام عند اللقاء ووجوب رده وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء وإن قرب والظاهر أنه حصل بينهما حائل أو ما يعد به مفارقاً لمجلسه -صلى الله عليه وسلم- وإلا فلم يكن لإعادة السلام مقتض والله أعلم، وأخرج ابن عبد البر في التمهيد عن أسامة بن زيد عن نافع قال: كنت أساير رجلاً من فقهاء الشام يقال له: عبيد الله بن زكريا، فحبستني دابتي تبول ثم أدركته ولم أسلم فقال: ألا تسلم، فقلت: أنا كنت معك آنفاً، قال: وإن، لقد كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتسايرون فيفرق بينهم الشجر فإذا التقوا سلم بعضهم على بعض. قوله:(حتى فعل ذلك ثلاث مرات) قال الكرماني إن قيل كيف تركه -صلى الله عليه وسلم- مراراً يصلي صلاة فاسدة فالجواب أنه لم يأذن له في صلاة فاسدة ولا علم من حاله أنه يأتي بها في المرة