نفس، ومعرفة تامة، بحيث لا يفتتن، ولا يغتر بذلك، ولا تلعب به نفسه، فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شيء من هذه الأمور،
ــ
عن رؤية نفسه في صدر الممدوح به فلا تحصل له به فتنة فإن العبد إذا نور الله بصيرته وشهد ما يجب اعتقاده من أنه سبحانه وتعالى خالق أفعال العباد كلها كما قال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} كان ذلك زاجراً له عن الإعجاب بتلك الطاعات والأوصاف المستحسنات وكيف يفخر بما ليس له بل إنما هو مظهر أبداه فيه مولاه وذلك التنوير يحصل بفضل الله تعالى للعبد عند رياضة نفسه بأمور التكاليف الشرعية وقيامه في مقام المجاهدة السنية قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} وهذا هو السالك المجذوب وقد تبغته الفيوض الربانية وتفجؤه الجذبات الروحانية ابتداء من غير جد وتعب وهو الذي شرف بمقام الجذب ثم تارة يرجع إلى مقام السلوك فيصير من أرباب الكمال إذ الذين يقتدي بهم السالك المجذوب والمجذوب السالك، وغيرهما من السالك غير المجذوب والمجذوب غير السالك لا يقتدي بهما بحال والله أعلم. قوله:(بحيث لا يفتتن) هذا بيان المعرفة التامة الحاصلة لذلك العبد المؤيد بالنور الإلهي الذي يجوز أن يمدح في وجهه وفتنته بثناء النّاس عليه لصالح العمل أن يركن لذلك في كون سبب عطبه وهذا فيمن هو موصوف بالحقيقة بما وصف به. قوله:(أو يغتر بذلك) بأن يغره ثناء النّاس عليه
بوصف ليس هو قائماً به فتخيل له نفسه الخداعة وتغره بأن ذلك قائم به وأنه موصوف به ولذا مدح به قال بعض العارفين الغبي من ترك يقين ما عنده لظن ما عند النّاس وكان الصديق الأكبر رضي الله عنه يقول لما يمدح اللهم اجعلني كما يظنون واغفر لي ولهم ما لا يعلمون. قوله:(ولا تلعب به نفسه) فيعجب بما وصف به مما هو قائم به فيكون سبب هلكته ففي الحديث ثلاث منجيات وثلاث مهلكات إلى أن قال: وأما المهلكات فهوى متبع وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه وهي أشدهن وكان بعض أكابر الصالحين مقبلاً على العمل الصالح مع الدأب فيه فرأى إنساناً ينظر إليه فيعجب من مزيد اجتهاده فقال له: يا أخي لا يعجبك من أمري ما ترى فقد عبد إبليس ربه سبعين ألف عام فلم يفده ذلك يعني لا يكن نظرك إلي سبباً لإدخال العجب علي بما أنا فيه من العمل فإن العمل لا يوصل إلى الجنة بنفسه إنما يوصل إليها مجرد الفضل الإلهي والإحسان فالأعمال الصالحة