للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦] فلا يجوز تصديق إبليس، فإن كان هناك قرينة تدل على فساد، واحتمل خلافه، لم تجز إساءة الظنّ، ومن علامة إساءة الظنِّ أن يتغيَّر قلبك معه عما كان عليه، فتنفر منه وتستثقله وتفتر عن مراعاته وإكرامه والاغتمام بسيئته، فإنَّ الشيطان قد يقرب إلى القلب بأدنى خيال مساويء النّاس، ويلقي

إليه: إن هذا من فِطْنتك وذكائكَ وسرعةِ تنبهك، وإن المؤمن ينظر بنور الله، وإنما هو على التحقيق ناطق بغرور الشيطان وظُلمته، وإن أخبرك عدل بذلك، فلا تصدِّقه ولا تكذِّبه لئلا تسيء الظن بأحدهما، ومهما خطر لك سوء في مسلم، فزِدْ في مراعاته وإكرامه، فإن ذلك يُغيظُ الشيطانَ ويدفعه عنك فلا يلقي إليك مثله

ــ

قلنا بعموم فاسق لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم. قوله: (فلا يجوز تصديق إبليس) كيف وهو الكذوب كما تقدم في كتاب فضل القرآن في حديث أبي هريرة في قصة الشيطان الذي كان يأخذ من زكاة الفطر لقد صدقك وهو كذوب أتدري من تخاطب شيطانا أو كما قال. قوله: (لم تجز إساءة الظن به) أي ما لم تكن القرينة الدالة على الفساد أقوى وإلا كظن السوء بأهل الفساد لا يحرم لما فيه من القرينة القوية وهي استمرار فسادهم مع احتمال خلافه بالتوبة. قوله: (والاغتمام بسببه)

بالجر عطفاً على مراعاته ويجوز رفعه عطفاً على محل فينفر عنه. قوله: (لئلا تسيء الظن بأحدهما) لأنك إن صدقت الخبر أسأت الظن بالمخبر عنه أو لم تصدق المخبر أسأت الظن بالمخبر باعتقاد الكذب فيه قال في الزواجر وحينئذٍ فعليك أن تبحث هل ثمة تهمة في المخبر من نحو عداوة بينهما فإن وجدتها فتوقف وأبق المخبر عنه على ما كان عندك من عدم السوء فيه. قوله: (ويدفعه عنك) أي يدفع ما ذكر من مراعاتك

<<  <  ج: ص:  >  >>