لوصف الله تعالى بأنه يعلم الأمر على خلاف ما هو، وذلك لو تحقق كان كفراً، فينبغي للإنسان اجتناب هذه العبارة.
فصل: ويكره أن يقول في الدُّعاء: اللهُم اغفر لي إن شئت، أو إن أردت، بل يجزم بالمسألة.
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: اللهُم
ــ
أي هي مباحة.
قوله:(ويكره أن يقال في الدعاء) أي على سبيل التنزيه. قوله:(روينا في صحيحي البخاري ومسلم) وكذا رواه. قوله:(لا يقولن أحدكم) أي على سبيل الكراهة التنزيهية وبه صرح المصنف في شرح مسلم وقال ابن عبد البر في التمهيد لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت من أمور الدين والدنيا لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأنه كلام مستحيل لا وجه له لأنه لا يفعل إلا ما يشاء لا شريك له اهـ. وظاهره التحريم وقد يؤول على نفي الجواز المستوي الطرفين وهو بعيد من كلامه قال العلماء سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه والله تعالى منزه عن ذلك وهو معنى قوله في الحديث الثاني فإنه لا مستكره له وقيل سبب الكراهة إن في هذا اللفظ صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه وكان هذا القول يتضمن أن هذا المطلوب إن حصل وإلا استغنى عنه ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حاله الافتقار والاضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء وكان ذلك دليلاً على قلة اكتراثه بذنوبه وبرحمة ربه وأيضاً فإنه لا يكون موقناً بالإجابة وقد قال عليه الصلاة والسلام ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكتف بالنهي عن ذلك حتى أمر بنقيضه فقال ليعزم المسألة في الدعاء أي ليجزم في طلبه وليحقق رغبته ويتيقن الإجابة فإنه إذا فعل ذلك دل على علمه بعظم قدر ما يطلب من المغفرة والرحمة وعلى أنه مفتقر لما يطلب مضطر إليه وقد وعد الله المضطر بالإجابة