اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، اللهُم ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المسألة، فإنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ".
وفي رواية لمسلم: "وَلَكِنْ لِيَعْزِم المسألة وَلْيُعظِم الرَّغْبَةَ، فإن اللهَ لا يَتَعَاظَمُهُ شَيءٌ أعْطاهُ".
وروينا في "صحيحيهما" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دَعا أحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسألَةَ، ولا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ فأعْطِني، فإنَّهُ لا مُسْتكْرِهَ لهُ".
ــ
بقوله {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} كذا في المفهم للقرطبي وقال العراقي بعد أن ذكر الكراهة إن في هذا اللفظ صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه ما لفظه والمعتمد ما ذكر في الحديث. قوله:(ليعزم المسألة) عزم المسألة الشدة في طلبها والجزم به من غير ضعف في الطلب ولا تعليق
على المشيئة ونحوها وقيل هو حسن الظن في الإجابة. قوله:(فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه) أي لا يعجزه شيء. قوله:(وروينا في صحيحهما) ورواه أحمد والنسائي كلهم من حديث أنس كما في الجامع الصغير قال السخاوي ورواه أبو عوانة. قوله:(فإنه لا مستكره له) قال القرطبي هذا إظهار لعدم فائدة تقييد الاستغفار والرحمة بالمشيئة لأن الله تعالى لا يضطره إلى فعل شيء دعاء ولا غيره بل يفعل ما يريد ويحكم ما يشاء ولذا قيد الإجابة بالمشيئة في قوله تعالى {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} فلا معنى لاشتراط مشيئته فيما هذا سبيله اهـ. وتقدم عن بعضهم في باب الأذان أن هذه الآية مقيدة للآيات التي فيها إجابة الدعاء مطلقة عن ذلك القيد، فإن قلت قد ورد التقييد في قوله عليه السلام أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي، قلت إنما قيد هناك طلب الحياة بكونها خيرة له وطلب الوفاة بكونها خيرة له مع أنه قد يقدر له الحياة مع كون الخيرة في قرب وفاته لما يكون في تلك الحياة من الغيبة وقد يقدر له الوفاة مع كون الخيرة له في طول الحياة لما فيها من اكتساب الخير وهذا مثل الاستخارة في الأمور المشتبهة وقد ورد بها الحديث الصحيح أما مشيئة الله تعالى