-صلى الله عليه وسلم- قال:"إنّ الله يُبْغِضُ البليغَ مِنَ الرجالِ الذي يتَخَلَّلُ بلسانِهِ كما تَتَخَلَّلُ البَقَرَةُ" قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في "صحيح مسلم" عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ" قالها ثلاثاً. قال العلماء: يعني بالمتنطعين: المبالغين في الأمور.
وروينا في كتاب الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " إن مِنْ أحبَّكُمْ إليَّ، وأقْرَبِكُمْ منِّي مَجْلِساً
ــ
في النهاية وقال في آخر كلما تتخلل الباقرة الكلأ بلسانها قال العاقولي ضرب المثل بالبقرة لأنها تأخذ نبات الأرض والعلف بألسنتها دون سائر الدواب فإنها تأخذ ذلك بأسنانها فنبه بذلك على أن أولئك لا يهتدون إلى مأكل إلا بهذه الطريق كما أن البقرة لا تتمكن أن تأكل إلا بهذه الطريق وأنهم في فعلهم هذا لا يفرقون بين قول الحق والباطل بل أنهم بصدد تحصيل شيء سواء كان بقول باطل أو
بحق والباقرة جمع البقر واستعماله بالتاء قليل. قوله:(يتخلل بلسانه) هو الذي يتشدق بالكلام ويقحم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً. قوله:(وروينا في صحيح مسلم) ورواه أحمد وأبو داود كلهم من حديث ابن مسعود. قوله:(هلك المتنطعون) بتقديم المثناة الفوقية على النون هم المتعمقون المغالون في الكلام المتكلمون بأقصى طرقهم مأخوذ من النطع وهو الغار الأعلى من الفم ثم استعمل في كل تعمق قولاً وفعلاً قال العاقولي ويدخل في هذا الذم ما يكون القصد فيه مقصوراً على مراعاة اللفظ ومجيء المعنى تابعاً للفظ أما إذا كان بالعكس فهو الممدوح وهو أن يدع الرجل نفسه تجري على سجيتها فيما يروم التعبير عنه من المعاني كما قال:
أرسلت نفسي على سجيتها ... وقلت مما قلت غير محتشم
قوله:(المبالغين في الأمور) ودخل فيها المبالغة في الكلام والتكلف في الفصاحة وهذا وجه إيراده هنا. قوله:(وروينا في كتاب الترمذي). قوله:(إن من أحبكم الخ) مبني على قاعدة وهي أن المؤمنين من حيث الإيمان محبوبون ثم قد