يَوْمَ القِيامَةِ، أحاسِنُكُمْ أخْلاقاً، وإنَّ أبْغَضَكُمْ إليّ، وأبعدَكُمْ مِنِّي يَومَ القِيامَةِ، الثَّرثَارُونَ والمتَشَدِّقُونَ والمُتَفَيهِقُونَ"، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والْمتشدِّقون، فما المتفيهقون؟ قال: "المُتَكَبِّرُون) قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال: والثرثار: هو الكثير الكلام. والمتشدِّق: من يتطاول على النّاس في الكلام ويبذو عليهم.
واعلم أنه لا يدخل في الذم تحسين ألفاظ الخُطَب والمواعظ إذا لم يكن فيها إفراط وإغراب، لأن المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله عز وجل، ولحسن اللفظ في هذا أثر ظاهر.
ــ
يتفاضلون في صفات الخير وشعب الإيمان فيتميز الفاضل بزائد محبة وقد تفاوتون في الرذائل فيصيرون مبغوضين من حيث هم كذلك ويصير بعضهم أبغض من بعض وقد يكون الشخص الواحد محبوباً من وجه مبغوضاً من وجه آخر وعلى هذه القاعدة فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب المؤمنين كافة من حيث هم مؤمنون وأحسنهم أخلاقاً من اشدهم حباً عنده ويبغض العصاة من حيث هم عصاة وأسوءهم أخلاقاً من أشدهم بغضاً عنده. قوله:(فما المتفيهقون قال المتكبرون) أي ومن كبرهم ينشأ تشدقهم بالكلام إذ المتفيهق الذي يتوسع في الكلام ويفتح به فاه مأخوذ من الفهق وهو الامتلاء والاتساع يقال أفهقت الإناء ففهق فهقاً والثرثار هو الكثير الكلام قال العاقولي الثرثار هو الذي يكثر الكلام تكلفاً وخروجاً عن الحق والثرثرة كثرة الكلام وترديده. قوله:(والمتشدق ... في الكلام الخ) وقال آخرون المتشدق المتوسع في الكلام من غير احتياط واحتراز وقيل المتشدق المستهزيء بالناس يلوي شدقه بهم وعليهم. قوله:(إفراط) أي مجاوزة الحد الذي
ينبغي. قوله:(وإغراب) أي إتيان باللفظ الغريب الوحشي. قوله:(ولحسن اللفظ في هذا) أي تهييج القلوب إلى الطاعة (أثر ظاهر) ولذا استحب كونها بليغة أي في غاية من