أنها وقعت بياناً لكون النهي ليس للتحريم، بل للتنزيه. والثاني: أنه خوطب بها من يخاف أنه يلتبس عليه المراد لو سماها عشاءً.
وأما تسمية الصبح غداةً، فلا كراهة فيه على المذهب الصحيح، وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في استعمال غداةٍ، وذكر جماعة من أصحابنا كراهة ذلك، وليس بشيء،
ــ
وقعت بياناً الخ) ومثل ذلك واجب عليه -صلى الله عليه وسلم- يثاب عليه ثواب الواجب. قوله:(الثاني أنه خوطب بها الخ) أي فيكون على طبق حديث حدثوا النّاس بما يفهمون وذلك أنه لو ذكر العشاء بلفظه لما فهم ذلك المخاطب إلا أن المراد بها المغرب إذ هو المسمى بالعشاء عندهم فلدفع ذلك عبر بلفظ العتمة عنها قال المصنف وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما وذكر بعضهم أنه يحتمل كون ذلك قبل النهي عنه وقال ابن القيم في الهدي قال -صلى الله عليه وسلم-: لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم إلا وأنها العشاء وأنهم يسمونها العتمة وصح عنه أنه قال لو يعلمون ما في العتمة الخ فقيل هذا ناسخ للمنع وقيل بالعكس والصواب خلاف القولين فإن العلم بالتاريخ متعذر ولا تعارض بين الحديثين فإنه لم ينه عن إطلاق اسم العتمة بالكلية إنما نهى عن هجران اسم العشاء وهو الاسم الذي سماها الله به في كتابه ويغلب عليها اسم العتمة فإذا سميت العشاء وأطلق عليها العتمة أحياناً فلا بأس وهذا محافظة منه - صلى الله عليه وسلم - على الأسماء التي سمى الله تعالى بها العبادات فلا تهجر ويؤثر غيرها كما فعله المتأخرون في هجران ألفاظ النصوص وإيثار المصطلحة الحادثة عليها ونشأ بسبب ذلك من الفساد ما الله به عليم وهذا كما يحافظ على تقديم ما قدمه الله تعالى وتأخير ما آخره كما بدأ بالصفا وقال: ابدؤوا بما بدأ الله به وبدأ في العيد بالصلاة ثم نحو بعدها وأخبر أن من ذبح قبلها فلا نسك له تقديماً لما بدأ الله به في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ونظائره كثيرة اهـ. ثم ما جزم به هنا وفي المنهاج والروضة من الكراهة خالفه في المجموع فقال نص الشافعي على أنه يستحب أن لا يسمى بذلك وذهب إليه المحققون من أصحابنا وقالت طائفة قليلة يكره اهـ. قوله:(وقد كثرت الأحاديث في استعمال الغداة) أي كحديث أبي قتادة الطويل