الثالث: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ــ
له شيء من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد على فاعله بل هو مقبول منه كالبدع الواجبة من الرد على نحو المبتدعة، والمسنونة من بناء نحو الربط والسبل وسائر أنواع البر التي لم تعهد في الصدر الأول فهذا كله مقبول من فاعله مثاب ممدوح عليه قال الشافعي: ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة وما أحدث من الخير ولم يخالف ذلك فهو البدعة المحمودة.
والحاصل
أن البدعة الحسنة متفق على ندبها وهي ما وافق شيئاً مما مر ولم يلزم من فعله محذور شرعي ومنها ما هو فرض كفاية كتصنيف العلوم النافعة الشرعية وتقرير قواعدها مما يعين على معرفة كتاب الله وفهم معاني القرآن والسنة النبوية وإن البدعة السيئة وهي ما خالف شيئاً من ذلك صريحاً أو التزاماً قد تنتهي إلى التحريم تارة والكراهة أخرى وإلى ما يظن أنه طاعة وقربة فمن الأول الانتماء إلى جماعة يزعمون التصوف ويخالفون ما كان عليه مشايخ الطريق من الزهد والورع وسائر الكمالات المشهورة فيهم بل كثير من أولئك المتشبهين إباحية لا يحرمون حراماً لتلبيس إبليس عليهم أحوالهم القبيحة فهم باسم الفسق أو الكفر أحق منهم باسم التصوف أو الفقر ومنه ما عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق حائط أو عمود أو تعظيم نحو شجر أو حجر رجاء شفاء أو قضاء حاجة وقد صح أن الصحابة مروا بشجرة سدر قبل حنين كان يعظمها المشركون وينوطون بها أسلحتهم أي يعلقونها بها فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال -صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر" هذا كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} قال: ({قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} الحديث ومن الثاني ومنشؤه أن الشرع يخص عبادة بزمن أو مكان أو شخص أو حال فيعملونها جهلاً وظناً أنها طاعة مطلقاً نحو صوم يوم الشك أو التشريق أو الوصال وغيرها. قوله: (رويناه في صحيحي البخاري ومسلم) وكذا رواه أبو داود وابن ماجه قال المصنف في الأربعين وفي رواية لمسلم: من