في صحيح مسلم فلعل وجهه ما ذكر في تعريف خبر الوعد إذ الوعد من أقسام الكلام المعبر عنه هنا بالقول والله أعلم وسيأتي توجيه آخر في كلام ابن النحوي ورواية النسائي تؤيد ما أشار إليه الكرماني من تساوي معنى المنكر فالمعرف بأل الجنسية وإن كان في المعرف بها تلك الإشارة إلى الماهية وهي لا تخالف ما ذكر من الحكمة في تعريف ما عرف إذ هي نكات لزيادة أل فيها دون غيرها والله أعلم قال ابن
النحوي في التوضيح في شرح الجامع الصحيح "أن قيل" كيف يجمع ما في هذا الحديث من قوله حق في كل من الجنة والنار مع قوله - صلى الله عليه وسلم - أصدق كلمة قالها الشاعر:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
"فعنه جوابان" ذكرهما السهيلي: أحدهما إن مراده ما عدا الله وما عدا رحمته التي وعد بها وعقابه الذي توعد به إذ وعده حق لباطل ما سوى ذلك والجنة ما وعد به من رحمته والنار ما توعد به من عقابه وما سوى ذلك فباطل مضمحل.
والثاني إن الجنة والنار وإن كانتا حقًّا فإن الزوال جائز عليهما لذاتهما وإنما يبقيان بإبقاء الله لهما وإن يخلق الدوام لأهلهما على قول من يجعل البغاء والدوام معنى زائدًا على الذات وهو قول الأشعري وإنما الحق في الحقيقة من لا يجوز عليه الزوال وهو القديم الذي انعدامه محال، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - أنت الحق معرفًا أي أنت المستحق لهذا الاسم بالحقيقة وقولك الحق لأنه قديم وليس بمخلوق فيبيد ووعدك الحق كذلك إذ وعده كلامه هذا يقتضي أل ثم قال والجنة حق والنار حق بغير أل لأن هذه محدثات والمحدث لا يجب له البقاء من جهة ذاته وإنما علمنا بقاءهما من جهة خبر الصادق الذي لا يجوز عليه الخلف لا من جهة استحالة الفناء عليهما كما يستحيل على القديم سبحانه الذي هو الحق سبحانه وما خلاه باطل إذ هو إما عرض أو جوهر وكل منهما يفنى ويزول اهـ. قال المصنف في هذا الحديث قوله ووعدك الحق إلخ، أي كله متحقق لا شك فيه وقيل معناه خبرك حق وصدق وفي التوشيح للسيوطي إطلاق الحق على ما ذكر من الأمور بمعنى أنه مما يجب أن يصدق