للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكَ أَسلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعلَيكَ تَوَكَّلْتُ، وإليكَ أنبْتُ،

ــ

لأرباب الاعتزال وتقديم ما يتعلق به - صلى الله عليه وسلم - عليها لأنها لا تعلم إلَّا من جانب السمع الذي جاء هو - صلى الله عليه وسلم - به إلينا ثم هذه كلها وسائل وقدمها - صلى الله عليه وسلم - أمام السؤال تعليمًا لأمته أنه ينبغي المبالغة في الثناء قبل السؤال ليكون ذلك وسيلة لسرعة الإجابة بالنوال. قوله: (لكَ أسلمتُ) أي لا لغيرك كما يفيده تقديم الظرف أسلمت نفسي وسائر متعلقاتها أي شهدت ذلك لأرضي بقاءك وأتنعم ببلائك كذا قال ابن حجر في شرح المشكاة وقال غيره أي استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك والأقرب أن يكون المراد من أسلمت مدلوله الشرعي من الإتيان بالشهادتين مع القوام بباقي أركان الإسلام أي دخلت في الإسلام "ولا ينافيه" إن الإيمان والإسلام متحدان في الماصدق شرعًا فيكون تأكيدًا والتأسيس خير منه "لأنا نقول" المقام للإطناب والقصد للمبالغة في أداء مقام العبودية والتذلل لحق الربوبية على أن لفظ الشارع إذا تردد بين المعنى اللغوي والشرعي فحمله على الأخير أولى لأنه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان اللغويات كما نقله في حديث إنما الأعمال بالنيات وفي التمهيد أما قوله هنا لك أسلمت فمعناه استسلمت لحكمك وأمرك وسلمت ورضيت وآمنت وصدقت وأيقنت وقد مضى معنى الإيمان والإسلام والله أعلم. قوله: (وبكَ آمنتُ) أي بذاتك وما يليق بها من صفات الكمال آمنت أي صدقت. قوله: (وعَليْكَ توكلْتُ) أَي فوضت إلى جنابك دون غيرك أمري. قوله: (أَنَبتُ) من الإنابة أي رجعت إلى عبادتك والإقبال على ما يقرب إليك وقيل رجعت بالتوبة واللجأ والذلة والمسكنة وفي التمهيد والإنابة الرجوع إلى الخير ولا يكون الرجوع إلى الشر إنابة قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلى رَبكم} [الزمر: ٥٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>