للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا في "صحيح مسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فأما الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا فِيه الرب، وأما السجُودُ، فاجْتَهِدوا فيه بالدُّعاءِ فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ".

يقال:

ــ

ذاته تعالى بثنائه وهما في غاية التباين وقيل إنه مبتدأ خبره محذوف أي أنت القادر على أن تحصي الثناء على ذاتك أو خبره متعلق الظرف بعده والكاف قيل بمعنى على وهو ما جرى عليه ابن حجر في شرح المشكاة فقال أنت الباقي الدائم المستمر كما أي على الأوصاف العلية الجليلة التي أثنيت بها على نفسك اهـ. وقال الطيبي "ما" فيه يحتمل أن تكون موصولة أو موصوفة والكاف بمعنى مثل كهي في مثل ({لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى: ١١] أي أنت الذات الذي له صفات الجلال والإكرام والعلم الشامل والقدرة الكاملة تعلم بالعلم الشامل صفات كمالك وتقدر بقدرتك أن تحصي ثناء نفسك فنفى في قوله لا أحصي ثناء عليك عن نفسه القدرة على ذلك اعترافًا بالعجز والقصور وأثبتها لله في قوله أنت كما أثنيت على نفسك إجلالًا وإعظامًا له وذلك إن صفات الجلال والجمال لا نهاية لها فلا تدرك ولا تطاق إلّا بعلم وقدرة لا نهاية لهما وهذا الثناء أي قوله أنت كما أثنيت على نفسك يجوز أن يكون بالقول كما في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة: ٢ - ٤] وبالفعل كما في قوله تعالى: ({شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ} [آل عمران: ١٨] وحاصله أن الكاف بمعنى مثل وأنها زائدة وإن ما مع ذلك محتملة لكونها موصولة أو موصوفة قيل فيكون التركيب على الوجه الأول على حد.

أنا الذي سمتني أمي حيدره

ونظر فيه ابن حجر في شرح المشكاة بأن فيه بعدًا أي بعد وتكلفًا أي تكلف قال وما ذكره من تفسيره أثنيت بقوله أنت الذات إلخ. لا يطابق اللفظ كما هو ظاهر جلي اهـ، وفيه أن قوله أنت الذات

إلخ، ليس تفسيرًا لأثنيت إنما هو تفسير لحاصل الكلام الحاصل مما ذكر من كون الكاف زائدة وما

موصولة والمطابقة عليه جلية.

قوله (وَرَوَينَا في صحيحِ مُسلم عَنِ ابْنِ عباس إلخ) تقدم تخريجه في فصل تكره القراءة في الركوع والسجود وله شاهد من حديث علي ولفظه قَال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركعتم فعظموا الرب وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم قال الحافظ بعد تخريجه حديث غريب أخرجه البزار وقال لا نعلمه عن علي

<<  <  ج: ص:  >  >>