وروينا في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ مِنْ ربهِ وَهُوَ ساجِدٌ،
ــ
مرفوعًا إلَّا بهذا الإسناد قال الحافظ والمنفرد به ضعيف اهـ. قوله:(قمنٌ بفتحِ الميم) وهو حينئذٍ مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث (وكسرِها) أي وهو وصف يثنى ويجمع ويؤنث وكذَا القمين بالياء. قوله:(ومعناه حَقيق وجدير) وكذا يقال حرى وأهل وعسى.
قوله:(وَرَوَينَا في صحيح مُسلم) وكذا رواه أبو داود والنسائي بهذا اللفظ وكذا روي من ذكر حديث أبي هريرة الذي بعده قاله الحافظ والدعاء الذي فيه قال في الإيعاب صرح غير واحد بأنه أفضل أدعية السجود اهـ. قوله:(أَقربُ ما يكونُ العبدُ منْ ربه) أي أقرب أكوانه من رضا ربه وعطفه وعطائه حاصل إذا كان أي وجد (وهُو ساجد) فأقرب مبتدأ وما مصدرية صلتها يكون وحاصل خبره وإذا ظرف متعلق به وكان تامة وجملة وهو ساجد سدت مسد الخبر المحذوف وجوبًا لقيام جملة الحال مقامه ولا يجوز أن تكون الجملة خبرًا لكان المحذوفة قال في المغني وهذا من أقوى الأدلة على أن انتصاب قائمًا في ضربي زيدًا قائمًا على الحال لا على الخبر لكان محذوفًا إذ لا يقترن الخبر بالواو اهـ. قال الدماميني حكى الرضي اقتران خبر الأفعال الناقصة بالواو لكنه قليل اهـ. ثم المفضل عليه محذوف وإسناد الأقربية إلى الوقت مجاز وتقديره إن للعبد حالين في العبادة كونه ساجدًا وكونه غير ساجد فهو حالة السجود أقرب إلى ربه من نفسه في غير حالة السجود وتفضيل الشيء على نفسه باعتبارين كثير شائع والقرب كما أشرنا إليه قرب بالرتبة والكرامة لا بالمسافة والمساحة لأنه تعالى منزه عن الزمان والمكان قال القاضي بدر الدين بن جماعة في كلام له فالحديث تمثيل لقرب العبد من ربه ورحمته وإجابة دعائه ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد اهـ، وفي حواشي سنن النسائي للحافظ السيوطي قال البدر بن الصاحب في تذكرته في الحديث إشارة إلى نفي الجهة على الله تعالى فإن العبد في انخفاضه غاية الانخفاض يكون أقرب ما يكون إلى الله تعالى اهـ. ثم الحديث على وفق قوله تعالى: ({وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق: ١٩] قال الواحدي اسجد أي صل واقترب إليه بالطاعة ثم