للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحديث في "صحيح مسلم": "أفضل الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ" ومعناه: القيام، ولأن ذكر القيام هو القرآن، وذكر السجود هو التسبيح، والقرآن أفضل، فكان ما طول به أفضل. وذهب بعض العلماء إلى أن السجود أفضل، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم: "أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ مِنْ ربهِ وَهُوَ ساجِدٌ".

قال الإمام أبو عيسى الترمذي في كتابه: اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: طول القيام في

ــ

لخبر أقرب ما يكون العبد إلخ، خرج منه تطويل القيام لما ذكر فيه فبقي على عمومه فيما عداه وفي التحفة والحاصل أن تطويل القيام أفضل من تكرير السجود فإذا استوى الزمان فالمصروف لطول القيام أفضل من المصروف لتكرير السجود وإطالة القيام أفضل من تكثير الركعات هذا وقد اختلف أصحابنا فيما إذا طول القيام والركوع والسجود ونحوها كوقوف عرفة هل يثاب على الجميع ثواب فرض أو نفل فقال كثير بالأول وهو أليق بسعة الفضل وقال كثيرون بالثاني وهو أرجح حيث أمكن تمييز الفرض من غيره بخلاف بعير مخرج عن خمس من الإبل.

قوله: (في الحدِيثِ الصحيحِ في صحيحِ مُسْلمٍ) رواه فيه عن جابر وكذا رواه عنه أحمد والترمذي وابن ماجة ورواه الطبراني من حديث أبي موسى وعمرو بن عبسة وعمير بن قتادة الليثي كما في الجامع الصغبر للحافظ السيوطي وقد ذكر الحافظ في جملة من خرجه ابن خزيمة وقد أشار المحب الطبري إلى الاعتراض على الاستدلال بهذا الحديث على المطلوب أي أفضلية طول القيام في الصلاة على كثرة السجود لأن لفظ القنوت وإن أورد بمعنى القيام قد ورد بمعنى الخشوع فليس الحمل على أحدهما بأولى من الآخر لكن ورد في خبر آخر حسن عند أحمد وأبي داود وغيرهما بلفظ القيام فترجح الحمل عليه وأولى ما فسر الحديث بالحديث اهـ. قوله: (ومعناهُ القيَامُ) أي معناه هنا القيام ويطلق القنوت على الطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادات وعلى طول القيام والسكوت وينصرف لكل منهما بحسب القرينة اللائقة به. قوله: (وذَهبَ بعضُ العلمَاءِ إلى أَن السجودَ أفضَلُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>