عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَيدُ الاسْتِغْفَارِ:
ــ
وقد أخرجه البزار من حديث بريدة كما قاله في الحصين قال الحافظ وللحديث شاهد من حديث أبي أمامة ومن حديث جابر وغيرهما أخرجهما الطبراني وغيره قاله الحافظ. قوله:(عَنْ شدادِ بْنِ أَوْس) هو أبو يعلى وقيل أبو عبد الرحمن شداد بن أوس بن ثابت
الأنصاري الخزرجي ابن أخي حسان بن ثابت قيل هو بدري وغلط قائله إنما البدري أبوه قال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء كان شداد من أولي العلم والحكمة سكن بيت المقدس وأعقب بها توفي سنة ثمان وخمسين أو إحدى وأربعين أو أربع وستين عقب خمس وسبعين سنة ودفن بها وقبره بظاهر باب الرحمة باقٍ إلى الآن روي له خمسون حديثًا انفرد البخاري منها بواحد وهو حديث الباب ومسلم بآخر وهو حديث الإحسان. قوله:(سيدُ الاستغْفارِ) أي سيد ألفاظه قال الطيبي استعير لفظ السيد من الرئيس المقدم الذي يصمد إليه في الحوائج لهذا الدعاء الذي هو جامع التوبة لمن تأملها إذ هي غاية الاعتذار قال في فتح الإله وهذا الذكر كذلك وتعقب بأنه يفيد أن المراد بالاستغفار التوبة والظاهر من الحديث الإطلاق وبالمنع من جامعيته لمعنى التوبة إذ ليس فيه إلّا الاعتراف بالذنب الناشئ عن الندامة أما العزم على ألا يعود أو أداء الحقوق لله أو العباد فلا يفهم منه أصلًا ويمكن أن يقال أن الظاهر من استعاذته من سوء صنعه العزم على عدم عوده وأما أداء الحقوق فيسأل من الله غفرانها وبالغفران يحصل المقصود والله أعلم قال الكرماني.
أن قلت ما الحكمة في كون هذا الذكر أفضل الاستغفارات.
قلت هو وأمثاله من التعبدات والله أعلم بذلك لكن لا شك أن فيه ذكر الله بأكمل الأوصاف وذكر نفسه بأنقص الحالات وهو أقصى غاية التضرع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلَّا هو، أما الأول فلما فيه من الاعتراف بوجود الصانع وتوحيده الذي هو أصل الصفات العدمية المسماة بصفات الجلال والاعتراف بالصفات السبع التي هي الصفات الوجودية المسماة بصفات الإكرام وهي القدرة اللازمة للخلق الملزومة للإرادة والعلم والحياة والخامسة الكلام اللازم من الوعد والسمع والبصر اللازمان من المغفرة إذ المغفرة للمسموع وللمبصر لا يتصور إلَّا بعد السماع والإبصار، وأما الثاني فلما فيه أيضًا من الاعئراف