للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُم أنْتَ رَبي لا إله إلا أنْتَ، خَلَقْتَني وأنا عَبْدُكَ وأنا على عَهْدِكَ ووعْدِكَ ما استَطَعْتُ،

ــ

بالعبودية وبالذنوب في مقابلة النعمة التي يقتضي نقيضها وهو الشكر اهـ. قال شارح عدة الحصين.

أن قلت أين لفظ الاستغفار في هذا الدعاء وقد سماه الشارع سيد الاستغفار.

قلت الاستغفار في لسان العرب طلب المغفرة من الله تعالى وسؤاله غفران الذنوب السالفة والاعتراف بها وكل دعاء كان فيه هذا المعنى فهو استغفار مع أن الحديث فيه لفظ الاستغفار وهو قوله فاغفر لي الخ. قوله: (أَنت رَبي) أي ورب كل شيء فقد رببت الوجود وأهله بالإيجاد ثم بالإمداد فوجب علي وعلى سائر العباد العود إلى ساحتك العلية بلسان الاعتذار والقيام في حال الذل والانكسار. قوله: (لَا إِلهَ إلا أَنْتَ) أي فلا يطلب من غيرك شيء لأنه مقهور لا ينفع نفسه ولا يدفع الضر عنها وما أحسن قول العارف الكبير أبي الحسن الشاذلي:

آيست من نفع نفسي لنفسي ... فكيف لا آيس من نفع غيري لنفس

ورجوت الله لغيري ... فكيف لا أرجوه لنفسي

قوله: (خلَقْتني) شرح لبيان التربية المدلول عليها بقوله أنت ربي. قوله: (وأَنا عَبدُكَ) أي مخلوقك ومملوكك جملة حالية محققة أو معطوفة وكذا جملة وأنا على عهدك الخ. قوله، (على عَهدِكَ وَوَعْدِكَ) قيل عهدك أي ما عاهدتني بالإيمان المأخوذ يوم ألست بربك أي أنا مقيم على ما عاهدتني في الأزل من الإقرار بربوبيتك وقيل عهدك أي على ما عاهدتني أي أمرتني به في كتابك وبلسان نبيك من القيام بالتكاليف ووعدك أي مستنجز وعدك في المثوبة والأجر في العقبى على هذه العهود وأنا موقن بما وعدت به من البعث والنشور وأحوال القيامة فالمصدر مضاف لفاعله وقيل ما عاهدتك عليه في الأزل من الإقرار بالوحدانية المأخوذ يوم ألست بربكم ووعدك أي ما وعدتك به من الوفاء بذلك فالمصدر مضاف للمفعول قيل ولا يبعد أن يراد الجميع من الكلمة الجامعة لما ذكر وغير ذلك مما يخطر ببال. قوله: (ما استطعت) أي قدر استطاعتي فما مصدرية واشتراط ظرفية الاستطاعة اعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب في حقه تعالى أي لا أقدر أن أقوم بعهدك حق القيام به لكن أجتهد قدر طاقتي قال صاحب النهاية استثنى بقوله ما استطعت موقع القدر السابق لأمره

<<  <  ج: ص:  >  >>