أبُوءُ لكَ بِنِعْمتِكَ عَلي، وأبوءُ بِذَنبي فاغْفِرْ لي فإنه لا يَغْفِرُ الذنوبَ إلا أنتَ،
ــ
أي إن كان قد جرى القضاء على أن أنقض العهد يومًا فإني أميل عند ذلك إلى الاعتذار بدفع الاستطاعة في رفع ما قضيت. قوله:(أَبُوءُ) قال المصنف معناه أقر وأعترف قال في السلاح وأصله من بؤت بكذا إذا احتملته ومنه قوله تعالى فباءوا بغضب على غضب قال بعض المفسرين معناه احتملوه ورجعوا به اهـ، وفي شرح المشكاة أصله التزم والأنسب هنا أقر وأعترف ثم هو بهمزة مفتوحة فموحدة مضمومة وبعد الواو همزة وقال ابن الجزري أي ألتزم وأرجع وأقر وأعترف بالنعمة التي أنعمت بها علي. قوله:(وأَبُوءُ لَك بذَنْبي) معناه الإقرار بالذنب والاعتراف به أيضًا لكن فيه معنى ليس في الأول لأن العرب تقول باء فلان بذنبه إذا احتمله كرهًا لا يستطيع دفعه عن نفسه ولذا ورد في بعض الروايات الصحيحة أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي بإثبات لك مع النعمة وبحذفها في ذنبي وهو أدب حسن قال الشيخ ابن حجر في شرح المشكاة وأبوء بذنبي أي الذنب العظيم الموجب للقطيعة لولا واسع عفوك وهامع فضلك اهـ، وتعقبه في المرقاة بأنه ذهول وغفلة منه أن هذا لفظ النبوة وهو معصوم عن الزلة اهـ، ولك أن تقول ليس في هذا إثبات وقوع الذنب منه - صلى الله عليه وسلم - حتى ينافي العصمة إنما المقصود أنه لكمال فضله وخضوعه لربه يرى ذلك وكلما كمل الإنسان زاد اتهامه لنفسه ومثاله في الشاهد أن البريء من الذنب المقرب مثلًا إذا قال للملك أنا مسيء في حقك ونحو ذلك عد منه تواضعًا وسببًا لترقيه عنذ ذلك الملك وليس فيه إثبات للذنب والله أعلم.
وقد تقدم لهذا نظير في أماكن كثيرة منها في دعاء الافتتاح وقال الطيبي اعترف أولًا بأنه تعالى أنعم عليه ولم يقيده ليشمل كل الأنعام ثم اعترف بالتقصير وأنه لم يفم بأداء شكرها وعد ذنبًا مبالغة في التقصير وهضم النفس اهـ، وتعقبه ابن حجر بأنه لا يتفرع عليه ما قرنه بفاء التفريع المفرع ما بعدها عما قبلها في قوله فاغفر لي وفيه أن الاعتراف المقتضي لعفو الاقتراف موجود في كلام الطيبي فيناسب تفريع سؤال الغفران عليه ولذا قال في المرقاة إن كلام الطيبي في كمال الحسن.
قوله:(فإنهُ لَا يغْفرُ الذنوبَ) أي جميعها وظاهر خروج الكفر منها فلا يغفر أو حتى الكفر إذا كان الغفران بالتوبة