وروينا في "صحيح مسلم" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قال: "أمسينا وأمْسى المُلكُ للهِ، والحَمْدُ للهِ،
ــ
أولى لظاهر اللفظ والمعنى سمع من كان له سمع بأنا نحمد الله ونحسن نعمه وإفضاله علينا والمعنى أن حمد الله تعالى على نعمه وإنعامه علينا أشهر وأشيع من أن يخفى على ذي سمع وسامع نكرة قصد به العموم كما في تمرة خير من جرادة والله أعلم، وقوله على نعمه يقتضي أن هذا اللفظ من الحديث ولم يورده المصنف وقد علمت أن لفظ نعمته عند أبي داود أما على فليمست من متن الخبر وقد سبق بيان ذلك.
قوله:(وَرَوَينْا في صحيحِ مُسلْم الخ) ورواه أبو داود والترمذي والنسائي كذا في السلاح والنسائي أخرجه في الكبرى كما قال الحَافظ وزاد في الحصين وابن أبي شيبة في مصنفه قال الحافظ وللحديث شاهد من حديث البراء بن عازب قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح قال أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له اللهم إني أعوذ بك من الكسل وعذاب القبر أخرجه الحافظ من طريق الطبراني في كتاب الدعاء قال وأخرجه ابن السني هكذا من وجه آخر وسنده حسن اهـ. قوله:(أَمسَينَا وأَمسَى المُلكُ لله) أي دخلنا في المساء ودخل فيه الملك كائنا لله ومختصًا به والجملة حالية من فاعل أمسينا بتقدير قد أو بدونه أي أمسينا وقد صار بمعنى كان ودام الملك لله أو خبر لأمسينا بناء على جواز زيادة الواو في خبر كان وأخواتها وعليه فيفرق بينه وبين منعها في خبر المبتدأ بأن اسمها يشبه الفاعل وخبرها يشبه الحال وقيل التقدير أمسينا أي دخلنا في المساء وصرنا فيه مغمورين في كلاءة الله وأمسى الملك لله أي دام وصار والثانية معطوفة على الأولى فأمسى في أمسينا على هذين ناقصة ولا يخفى بعد الأول من الأخيرين ثم رأيته في الحرز أشار إلى فساده. قوله:(والحمدُ لله) الأقرب أنه معطوف على الملك لله كذا قال ابن حجر في شرح المشكاة قال وعطفه على جملة أمسينا بعيد وعكس في الحرز وقال لا يضر كون المعطوف فيه إخبار والمعطوف عليه خبر مبني إنشاء معنى لأنه يجوز التعاطف في ذلك على الصحيح.
قال الطيبي فإن قلت ما معنى أمسى الملك لله والملك لله أبدا وكذا الحمد لله، قلت هو بيان حال القائل أي عرفنا أن الملك لله والحمد له لا لغيره فالتجأنا له واستعنا به وخصصناه بالعبادة والثناء عليه والشكر