رَب كُل شَيءٍ وَمَلِيكَهُ. أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِنْ شَر نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيطَانِ وَشِرْكِهِ، قال: قُلْها إذَا أصْبَحْتَ وإذَا أمْسَيتَ وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَك" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا نحوه في "سنن أبي داود" من رواية أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنهم قالوا:
يا رسول الله علمنا كلمة نقولها إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا، فذكره، وزاد فيه بعد قوله: "وَشِرْكِهِ،
ــ
وقال آخر لما كان المراد اتحاف الصديق بالعلوم الإلهية والمعارف الربانية ناسب تقديم ما يدل على ذلك والآية للاستدلال فناسب أن يقدم فيها ما يدل على ذلك وهو فاطر السموات الخ. قوله:(ربَّ كل شيءٍ) بالنصب أي مربيه بجلائل نعمه ودقائق لطفه وكرمه (ومليكَهُ) أي مالكه وقاهره ملكًا وقهرًا بالغين أعلى مراتب الكمال والتمام كما دل عليه التعبير بفعيل. قوله:(أَشهدُ الخ) أي فلا أكل أمري إلَّا إليك. قوله:(منْ شر نفْسي) أي شر هواها المخالف للهدى قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}[القصص: ٥٠] أما إذا وافق الهوى الهدى فهو كزبد وعسل وقيل الاستعاذة منها لكونها أسرع إجابة إلى داعي الشر من الهوى والشيطان وحاصله مزيد الاعتناء بتطهير النفس فقدم إشارة لكمال الصديق أن يفعله ليكون وسيلة لكل كمال يترقى إليه بعد إذ الترقي يتفاوت بحسب تفاوت مراتب ذلك التطهير مثل ذلك يقال في قوله في الخبر السابق قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا الخ. قوله:(شَر الشيطَان) أي وسوسته وإغوائه وإضلاله ثم يحتمل أن يكون المراد جنس الشياطين أو رئيسهم وهو إبليس وخص لأنه كثير التلبيس. قوله:(قلْها) أي هذه المقالة. قوله:(إِذَا أَصبحْتَ وإذَا أَمْسيْتَ) أي كما التزمت وسألت. قوله:(إِذَا أَخذْتَ مضجَعكَ) زاد هذا على ما سأله رعاية لكمال اللائق به هذا الكمال في الأحوال الثلاثة.
قوله:(وَرَوَينْا نَحوَهُ في سُننِ أَبِي دَاوُدَ الخ) قال الحافظ بعد تخريجه حديث غريب أخرجه أبو داود ورواته موثقون إلَّا محمد بن إسماعيل بن عياش فضعفه أبو داود وقال أبو حاتم الرازي لم يسمع من أبيه شيئًا أي وهو قد روى هذا الحديث عن أبيه لكن أبو داود