للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني أسْألُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأهْلِي وَمَالِي، اللهُم اسْتُرْ عَوْرَاتي وآمِنْ

ــ

الله العافية في الدنيا والآخرة وفي بهجة المجالس عن عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله ما العافية قال العافية في الدنيا القوت وصحة الجسم وستر العورة والتوفيق

للطاعة وأما في الآخرة فالمغفرة والنجاة من النار والفوز بالجنة اهـ، وسبق في باب ما يقول إذا استيقظ من نومه بسط متعلق بها. قوله: (إِني أَسأَلكَ العفْوَ وَالعافيَةَ الخ) العفو محو الذنوب سواء اقتضت العتاب أو العقاب وإن كان القول صادرًا منه - صلى الله عليه وسلم - ولا يلزم منه تحقق الذنب لما تقدم أنه من الخضوع لحق الربوبية والقيام بمقام العبودية ولا حاجة إلى قول الشيخ ابن حجر الهيتمي في شرح المشكاة العفو عما صدر مني مما يقتضي عتابًا هذا بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم - أو عذابًا بالنسبة لغيره فالعفو التجاوز عن العتاب فيمن لا يتصور في حقه ذنب وهو المعصوم أو عن الذنب ونحوه فيمن يتصور منه ذنب وهو غيرهم وسبق ما يعلم منه أن العافية تأمين الله لعبده من كل نقمة ومحنة ولذا استعملها في قوله في ديني إذ هو متعلق بها وحدها وما بعده معطوف عليه فيكون كذلك والعافية في الدين دوام الترقي في كمالاته والسلامة من نقص يهوي بالعبد إلى دركاته وفي الدنيا سلامته من النكبات المكدرة والمعيشة المنغصة وفي الأهل والمال ألا يرى فيهما ما يسيء قيل ولا يبعد أن يكون ما في قوله ومالي موصولة أي والذي هو لي ومختص بي فيكون فيه تعميم بعد تخصيص قيل ما له من المال والعلم والجمال وسائر أسباب الكمال وفي النهاية العفو محو الذنوب والعافية السلامة من الأسقام والبلايا اهـ. باختصار لا يخفى أن الأنبياء دعوا الله بالعفو ولا شك أن دعوتهم مجابة ومع هذا أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيتعين أن تقيد الأسقام بسببها كالبرص والجنون والجذام مما تنفر عنه طباع العوام ولذا ورد التعوذ من سيئ الأسقام وكذا يقيد في الأمور الدينية أو الدنيوية بالشاغلة عن الأحوال الأخروية وفي لطائف المنن لابن عطاء الله أن بعض الناس دخل على الشيخ أبي العباس وهو مريض فقال له عافاك الله فسكت عنه ثم قال ذلك ثانيًا وثالثًا فقال له يا هذا وأنا سألمت الله العافية قبلك وما أنا فيه هو العافية لأن العافية على ما يعلم والله أعلم، اهـ. قوله: (عوْرَاتي) أي عيوبي وخللي وتقصيري قال الشيخ أبو الغيث بن جميل عورة كل مخلوق شهوة نفسه وخير الملابس عندنا ما ستر العورة مقطعًا ولا يسترها سوى الموت عن كل مباح ومحظور بحكم الضرورة والله بكل شيء عليم خبير وخير ملابس التقوى ما يستر

<<  <  ج: ص:  >  >>