وروينا في سنن أبي داود، والنسائي، وغيرهما بالإسناد الصحيح عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول عند مضجعه: "اللهُم إِني أعُوذ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ وبِكَلِمَاتِكَ التَّامةِ مِنْ شَر ما أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، اللهُم أنْتَ تَكْشِفُ
ــ
فيها.
قوله:(وَرَوَينَا في سنَنِ أَبِي دَاوُدَ) واللفظ له كما في السلاح والنسائي وغيرهما كابن أبي شيبة كما في الحصين وقال الحافظ بعد تخريجه حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى قال وفي سنده علتان تحطه من مرتبة الصحيح أحدهما أن الحارث بن عبد الله الأعور أحد رجال سنده ضعيف وباقي رجاله ثقات خرج لبعضهم مسلم والثاني أنه اختلف في سنده على أبي إسحاق فعند أبي داود والنسائي عن أبي إسحاق عن الحارث وأبي ميسرة كلاهما عن علي رضي الله عنه قال الحافظ ولم أره من طريقه إلَّا بالعنعنة وجاء عند الطبراني من طريق المعمري حدثنا هشام بن عمار حدثنا حماد بن عبد الرحمن حدثنا أبو إسحاق عن أبيه قال كتب لي رضي الله عنه كتابًا فيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذت مضجعك فقل فذكر مثله اهـ قوله:(مضجَعِهِ) اسم مكان أو زمان أو مصدر وقصره ابن حجر في شرح المشكاة على الأخير. قولهْ (بوَجْهِكَ الكَرِيم) أي بذاتك كما تقدم ما فيه أول الباب والكريم أي النافع والكامل الجامع أو البالغ أعلى غايات الشرف والنفع للغير. قوله:(وبكَلِماتِكَ) أي كتبك أو أسمائك أو أقضيتك في خلقك الناشئة عن باهر قدرتك وإرادتك وعلمك وحكمتك قال الطيبي وخص الاستعاذة بالكلمات بعد الاستعاذة بالذات تنبيهًا على أن الكل تابع لإرادته وأمره أعني قوله كن، قيل وفي الحديث تلويح إلى قوله تعالى:{مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}[هود: ٥٦] وقال ابن حجر جمع بينهما للإشارة إلى أن الاستعاذة بالذات والصفات أكمل من الاستعاذة بأحدهما. قوله:(منْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيتهِ) أي هو في ملكك وتحت سلطانك وفي قبضتك وأنت متصرف فيه على ما تشاء والناصية شعر مقدم الرأس كما في الصحاح والأخذ بالناصية كناية عن الاستيلاء التام والتمكن من التصرف العام وإنما لم يقل من شر كل شيء