وروينا في "الصحيحين"، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضأ وُضُوءَك للصلاةِ،
ــ
وهو الظاهر المناسب لنظمهما أنهما كفتاه عن تجديد الإيمان لأن من تأمل أولهما أدنى تأمل حصل له من الرسوخ في الإيمان والإتقان مقام خطير وحظ كبير وعن غاية التفويض والتسليم لأقضية الله تعالى وأوامره ونواهيه لأن من تأمل قول أولئك الكمل سمعنا وأطعنا حمله ذلك على التأسي بهم في هذا المقام العلي وعن غاية التواضع وهضم النفس باعتقاد أنها ليست على شيء لأن من تأمل قول أولئك الكمل غفرانك حمله ذلك على التأسي بهم فيه أيضًا وعن غاية ذكر الموت واستحضار البعث الحامل أولهما على تكثير العمل وتقليل الأمل وثانيها على التبري من سائر حقوق الخلق لأن من تأمل رجوعه إلى الله تعالى للحساب سارع فيما يبرئه ويخلصه من ورطة المناقشة في الحساب وعما ورد من الأدعية الكثيرة لأن الدعاء بما فيهما متكفل بخير الدارين اهـ.
قوله:(وَرَوَينَا في الصَّحِيحَيْنِ) ورواه أصحاب السنن الأربعة كما في السلاح زاد الحافظ ورواه أحمد وأبو عوانة في صحيحه. قوله:(قَال لي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) أفاد صاحب السلاح أن قوله بي إنما هو عند أبي داود ولفظه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتيت مضجعك الخ، رواه الجماعة وفي رواية أبي داود قال قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أويت إلى فراشك وأنت طاهر فتوسد يمينك ثم ذكر نحوه اهـ، وكذا ذكره بحذف الظرف، قال: وفي رواية (قَال) يعني البراء "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل يا فلان إذا أويت إلى فراشك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل الخ" متفق عليه قال الطيبي وتابعه ابن حجر والقاري الرجل المبهم هو أسيد بن حضير ثم راجعت صحيح البخاري نسخة صحيحة مقابلة على نسخة الحافظ ابن حجر فوجدت فيها ذلك في بعض طرقه فثبت ما ذكره المصنف نفع الله به من ذلك في الصحيحين أي في جملتهما كما بين ذلك بقوله آخرًا هذا لفظ إحدى روايات البخاري الخ، ومنها يعلم أن تصيير ذلك الرجل المبهم في بعض الطرق أسيد بن حضير يحتاج إلى توقيف وإلّا فيحتمل أن يكون هو البراء بنفسه لما تقدم في حديث رفاعة بن رافع ابن عفراء في دعاء الاعتدال أن الراوي قد يبهم نفسه إما لإخفاء عمله أو لنحو ذلك من الأغراض. قوله:(فَتوَضَّأْ) هو أمر استحباب. قوله:(وُضُوءَكَ لِلصلاةِ) أي وضوءًا