والداخلة مفوضة إليه لا مدبر لها سواه اهـ، وفي رواية أسلمت وجهي إليك والمراد بالوجه فيها الذات ومنه قوله تعالى:{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ}[البقرة: ١١٢]. قوله:(وفَوضْتُ أَمْرِي) أي شأني كله (إِليكَ) أي توكلت في جميع شأني عليك. قوله:(وأَلجَأتُ ظَهرِي إِليكَ) أي أسندته إلى حفظك لما علمت أنه لا مسند يتقوى به سواك ولا ينفع أحد إلَّا حماك قال الطيبي فيه إشارة إلى أنه بعد تفويض أموره التي هو مفتقر إليه وبها معاشه وعليها مدار أمره ملتجئ إليه مما يضره ويؤذيه من الأسباب الداخلة والخارجة يقال ألجأته إلى الشيء اضطررته إليه وقد يستعمل بمعنى الإسناد وهو المراد وفيه تنبيه على أنه كالمضطر في ذلك حيث لم يعلم له سند يتقوى به غير الله ولا ظهر يشد به أزره سواه وخص الظهر بالذكر لكون الاعتماد في الاستناد عليه أكثر من غيره. قوله:(رغْبةً ورهْبةً) قيل كل منهما مفعول له لألجأت وقال الطيبي منصوبان على العلة بطريق اللف والنشر أي فوضت أمري طمعًا في ثوابك وألجأت ظهري من المكاره إليك مخافة من عذابك اهـ، وتعقبه ابن حجر في شرح المشكاة بأن الأوجه في الرغبة بفوضت دون ما قبله والرهبة بالجأت فقط كالتحكم والوجه بل الصواب ما ذكرته من أن كل ما ذكر معلل بالرغبة والرهبة وفي المرقاة وما قاله الطيبي معنى صحيح بل صنعه بديع وقيل أنهما منصوبان على الحال أي راغبًا وراهبًا أو على الظرفية أي في حال الطمع والخوف واستظهرهما في المرقاة وقوله (إلَيْكَ) قال الكرماني يتعلق برغبة كقوله علفتها تبنًا وماءً باردًا اهـ، ومتعلق
الرغبة محذوف أي منك وتبعه عليه ابن الجزري وفي الحرز الأظهر أن يكونا متنازعين أي رغبة إليك وهو ظاهر ورهبة إليك يعني إني حالة الخوف لا أرجع إلَّا إليك كالتعليل له بطريق الاستئناف البياني.
فائدة
الخوف والوجل والرهبة ألفاظ متقاربة فالأول توقع العقوبة على مجاري الأنفاس واضطراب القلب من ذكر المخوف والخشية أخص منه إذ هي خوف مقرون بمعرفة ومن ثم قال تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨] وقيل الخوف حركة والخشية سكون ألا نرى أن من يرى عدوًا له جاءه تحرك للهرب منه وهي الخوف وحالة استقراره في محل لا يصل إليه يسكن وهي الخشية وقال ابن ملك في شرح المشارق قيل الخشية تألم القلب بسبب توقع مكروه في المستقبل يكون تارة