لا مَلْجَأ ولا مَنْجَى مِنْك إلا إلَيكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الذِي أنْزَلْتَ،
ــ
بكثرة الجناية من العبد وتارة بمعرفة جلال الله تعالى وخشية الأنبياء من هذا القبيل والهيبة خوف مقرون بالحب قال الشاعر:
أهابك إجلالا وما بك قدرة ... على ولكن ملء عين حبيبها
والخوف للعامة والخشية للعلماء العارفين والهيبة للمحبين والإجلال للمقربين وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الهيبة والخشية ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم - أنا أتقاكم لله وأشدكم له خشية. قوله:(لَا ملْجأَ وَلَا منْجى مِنْكَ إلا إِليكَ) قال العسقلاني ملجأ مهموز ومنجى مقصور وقد يهمز منجا للازدواج وقد يعكس أيضًا لذلك ويجوز التنوين مع القصر اهـ، والمعنى لا مهرب ولا ملاذ ولا مخلص من عقوبتك إلَّا برحمتك وهذا معنى ما ورد أعوذ بك منك أي أعوذ بمظاهر صفات جمالك ومعالي إكرامك من غاية صفات جلالك ومهاوي انتقامك بأن يكون تفضلك عليّ بالأولين مانعًا لي مما يصدر عن الآخرين وفي الحرز الملجأ بمعني المخلص والمفر ففيه إيماء إلى قوله تعالى:{فَفِرُّوا إِلَى الله}[الذاريات: ٥٠] وإلى قوله: {كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢)} [القيامة: ١١] وقال الكرماني لا ملجا مقصور وإعرابه كإعراب عصى.
فإن قلت فهل يقرأ بالتنوين أو بغيره.
قلت في هذا التركيب خمسة أوجه لأنه مثل لا حول ولا قوة إلَّا بالله والفرق بين نصبه وفتحه بالتنوين وعدمه وعند التنوين يسقط الألف قال ولا ملجأ ولا منجى أن كانا مصدرين فيتنازعان في منك وإن كانا مكانين فلا إذ اسم المكان لا يعمل وتقدير لا ملجا منك إلى أحد إلّا إليك ولا منجى إلَّا إليك. قوله:(آمَنْتُ بكتَابكَ) أي صدقت بكتابك. قوله:(الذِي أَنْزلْتَ) علي وهو القرآن الكريم الحاث على التخلق بهذه الأَخلاق البهية وسائر المقامات العلية والحالات السنية ولذا قال الطييي آمنت بكتابك تخصيص بعد تعميم وبما ذكر يندفع اعتراض ابن حجر عليه بقوله لا تعميم فيما ذكره لأن الفعل في حين الإتيان لا تعميم فيه كالنكرة التي هي كذلك.
فإن قلت المفرد المضاف يفيد العموم فلم خصصه بالقرآن.
قلت بقرينة المقام مع أن عمومه يختلف فيه ثم الإيمان بالقرآن مستلزم للايمان بجميع الكتب المنزلة فلو حملناه على العموم لجاز أيضًا.
وهنا فائدة
وهي أن المعرف بالإضافة كالمعرف بأل يحتمل الجنس والاستغراق والعهد فلفظ