للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَمْ مِمن لا كافيَ لَه، ولا مُؤْويَ". قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ــ

الأشهر وحكي فيه القصر اهـ. أي رزقنا مساكن وهيأ لنا المأوى نأوي إليه ونسكن فيه وقال ابن الجزري ردنا إلى مأوى لنا وهو المنزل ولم يجعلنا من المنتشرين كالبهائم اهـ. قوله: (فكم ممَّنْ لَا كَافي) بفتح الياء وما وقع في بعض النسخ بالهمز فهو سهو كما في المرقاة. قوله: (ومؤوي) بصيغة اسم الفاعل وكم له مقدر أي فكم شخص لا يكفيهم الله شر الأشرار بل تركهم وشرهم حتى غلب عليهم أعداؤهم ولا يهيئ لهم مأوى بل تركهم يهيمون في البوادي ويتأذون بالحر والبرد قال الطيبي وذلك نادر فلا يناسب كم المقتضى للكثرة على أنه افتتح بقوله أطعمنا وسقانا وتعقب بأن عموم الأكل والشراب إشارة إلى شمول الرزق المتكفل به في قوله: ({وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] بخلاف المسكن والمأوى فإنه تعالى خصه بمن شاء من عباده فكثير منهم ليس له مأوى إما مطلقًا أو صالحًا لأمثاله وقوله كم يقتضي الكثرة يرد بمنع قلة ما ذكر وعلى التنزل فالكثير يصدق بثلاثة فأكثر فلا يكون متروك الكفاية والمأوى قليلًا نادرًا ثم أشار الطيبي إلى الجواب عن ذلك بأنه يمكن أن ينزل على معنى قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (١١)} [محمد: ١١] فالمعنى أنا نحمد الله على أن عرفنا نعمه ووفقنا لأداء شكره فكم من منعم عليه لا يعرفون ذلك ولا يشكرون وكذلك الله تعالى مولى الخلق كلهم يعني أنه ربهم ومالكهم لكنه ناصر للمؤمنين ومحب لهم فالفاء في فكم للتعليل قال مولانا عصام الدين الفاء في قوله فكم ممن لا كافي له من قبيل قوله تعالى: {لَا مَولى لَهُم} مع أن الله تعالى مولى كل أحد أي لا يعرفون مولى لهم فكم لم يتفرع على كفانا بل على معرفة الكافي التي تستفاد من الاعتراف وإنما حمد الله تعالى على الطعام والشراب وكفاية المهمات لأن النوم فرع الشبع والري وفراغ الخاطر عن المهمات والأمن من الشرور وأشار إلى ما ذكره الطيبي فقال أي كثير من الناس ممن أراد الله اهلاكه فلم يطعمه ولم يسقه ولم يكفه إما لأنه أعدم هذه الأمور في حقه وأما لأنه لم يقدره على الانتفاع بها حتى هلك هذا ظاهره ويحتمل أن يكون معناه فكم من أهل الجهل والكفر بالله تعالى لا يعرف أن له إلهًا يطعمه

<<  <  ج: ص:  >  >>