وروينا عن الإمام أبي سليمان حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي رحمه الله في تفسير هذا الحديث قال:
ــ
خسأ الكلب بنفسه ومنه قوله تعالى:{اخسئوْا فِيها}[المؤمنون: ١٠٨] قال التوربشتي والمراد اجعله مطرودًا عني مردودًا عن إغوائي قال الطيبي أضافه إلى نفسه لأنه أراد بالشيطان قرينه من الجن أو من قصد إغواءه من شياطين الإنس والجن. قوله:(وفُكَّ رِهاني) بضم الفاء وتشديد الكاف المفتوحة ويجوز ضمها وكسرها والرهان جمع رهن ومصدر راهنه وهو ما يوضع وثيقة في الدين أراد به النفس لأنها مرهونة بعملها قال تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور: ٢١] فقوله فك أمر مخاطب من الفك وهو التخلص وفك الرهن تخليصه من يد المرتهن والمعنى خلص رقبتي من حقوق الآدميين ومن حقك يا رب ومن الذنوب بالعفو أو خلصها من ثقل التكاليف بالتوفيق للإتيان بها. قوله:(في الندِي الأَعْلى) نقل المصنف عن الخطابي وإن ضبطه أن المراد الملأ الأعلى من الملائكة ويؤيده أنه روى الحاكم في مستدركه في الملأ الأعلى بدل الندي الأعلى ويحتمل أن يراد بالمقام الأعلى الدرجة الرفيعة ومقام الوسيلة الذي قال - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يكون إلَّا لعبد وأرجو أن يكون أنا هو قال التوربشتي ويروى في النداء الأعلى وهو الأكثر والنداء مصدر ناديته ومعناه أن ينادى به للتنويه والرفعة ويحتمل أن يريد نداء أهل الجنة وهم الأعلون رتبة ومكانًا على أهل النار كما جاء ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا قال الشيخ ابن حجر في شرح المشكاة الندي القوم مطلقًا أو الذين هم أهل الندى أي الكرم ويطلق على المجلس الذي يجتمع فيه القوم للسمر ولا يسمى بعد تفرقهم نديا وعبر بقي لأنها أبلغ من من ونظيره وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين أي اجعلني مندرجًا في جملتهم مغمورًا في بركتهم بخلال اجعلني منهم فإنه يصدق بأن يكون من جملة عددهم وإن لم يكن منهم اهـ. قيل ما ذكره إنما يصح على القول بأن المراد بالندي القوم كما هنا أما إذا أريد به المجلس فيتعين وجود