للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآوَاني وأطْعَمَني وسَقاني، والذي مَنَّ علي فافْضَل، والذِي أعْطَاني فأجْزَل، الحَمْدُ للهِ عَلى كل حالٍ اللهُم رَب كل شَيءٍ ومَلِيكَهُ، وإلهَ كل شَيءٍ أعُوذ بِكَ مِنَ النَّارِ".

ــ

التي احتاج إليها. قوله: (وآوانِي) بالمد أي جعل إلى مسكنًا يدفع عني الحر والبرد ويسترني عن الأعداء ويجوز فيه القصر كما تقدم قال في الحرز ولعله أولى هنا لمشاكلة المبنى مع اتحاد المعنى. قوله: (مَن) بتشديد النون أي أنعم علي نعما واسعة. قوله: (فأَفْضل) أي زاد وأكثر وأحسن والفاء فيه لترتبها في التفاوت من بعض الوجوه كقولك خذ الأفضل فالأكمل واعمل الأحسن فالأجمل فالإعطاء الأحسن أحسن وكونه جزيلًا أحسن وهكذا الممنون. قوله: (فأجْزَلَ) أي أكثر أو فأعظم من النعمة والجزيل العظيم وقال الطيبي أي أنعم فزاد وقدم المن لأنه غير مسبوق بعمل العبد فهو أكمل بخلاف الإعطاء فإنه قد يكون مسبوقًا به. قوله: (والحمدُ لله عَلَى كُل حالٍ) وزاد في بعض الروايات "وأعوذ بالله من حال أهل النار" وفيه إشارة إلى

أن سائر الحالات من المنح والمحن والعطايا والبلايا مما يجب عليها لأنها إما دافعة للسيئات وإما رافعة للدرجات ولذا قيل ما من محنة إلّا في طبها منحة بخلاف أحوال أهل النار فإنهم في حال المعصية في الدنيا وفي حال العقوبة في العقبى من هناك شكر بل هناك صبر على حكمه وأمره ورضاء بقضاء الله وقدره والله تعالى إلى محمود بذاته على كل حال وبصفاته في كل فعال وفصل هذه الجملة بخلاف ما قبلها لأن تلك في حمده في مقابل النعم فاقتضى عطف بعضها على بعض وهذا حمد لا في مقابل نعم ولا غيرها فكان بينه وبين ما قبله تمام الانقطاع فتعين ترك العاطف. قوله: (ربّ كل شَيءٍ) أي خالقه ومربيه ومصلحه (ومَليكَهُ) أي ملكه ومالكه. قوله (وإله كل شَيءٍ) أي معبوده سواء علم أو لم يعلم ومقصوده بلسان حاله أو لسان قاله طوعًا أو كرهًا وأتى بهذه الأوصاف الثلاثة توطئة لمسئوله لمناسبتها له من حيث إن عمر تربيته وفخامة ملكه وألوهيته يقتضي كل منهما محو التقصير وجبر الكسر المقتضي للإبعاد من عذاب السعير. قوله: (أَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ) أي مما يقرب إليها من علم أو

<<  <  ج: ص:  >  >>