للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُصَوّرُ، الغَفارُ،

ــ

المصورُ) قيل بترادفها وهو وهم إذ الخالق من الخلق وأصله التقدير المستقيم ويستعمل بمعنى الإبداع وهو إيجاد الشيء من غير أصل كقوله تعالى خلق السموات والأرض وبمعنى التكوين كقوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} [النحل: ٤ - ٤] وبمعنى التصوير كقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [المائدة: ١١٠ - ١١٠].

والبارئ من البرء وأصله خلوص الشيء من غيره إما على سبيل التفَصي منه ومنه برئ فلان من مرضه والمديون من دينه أو على سبيل الإنشاء ومنه برأ الله النسمة وهو البارئ لها وقيل البارئ الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت والتنافر المخلين بالنظام الكامل وهو أيضًا مأخوذ من معنى التفصي.

والمصور مبدع صور المخلوقات ومزينها فإن الله خالق كل شيء بمعنى أنه مقدره وموجده من أصل ومن غير أصل وبارئه بحسب ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته من غير تفاوت واختلال ومصوره بصورة يترتب عليها خواصه ويتم بها كماله وقيل الخالق موجد العالم والبارئ موجد النسمة والمصور مظهرها، وثلاثتها من صفات الأفعال اللهم إلّا أن فسر الخالق بالمقدر فوجه الترتيب ظاهر لأنه يكون التقديم أولًا ثم الإحداث على الوجه المقدر ثانيًا ثم التسوية والتصوير ثالثًا وإن فسر بالموجد فالاسمان الآخران كالتفصيل له فإن الخالق هو الموجد بتقدير واختيار سواء كان الموجد مادة أو صورة ذاتًا أو وصفًا ثم البارئ مهموز ويجوز إبداله ياء في الوقف (الغفارُ) في الأصل بمعنى الستار من الغفر بمعنى ستر الشيء بما يصونه ومنه المغفر ومعناه أنه يستر القبائح والذنوب بإسبال الستر عليها في الدنيا وترك المؤاخذة بالعفو عنها في العقبى ويصون من أوزارها فهو من صفات الأفعال وقد جاء التوقيف في التنزيل بالغفار والغفور والغافر والفرق بينهما أن الغافر يدل على اتصافه بالمغفرة مطلقًا وهما يدلان عليه مع المبالغة والغفار أبلغ لما فيه من زيادة البناء ولعل المبالغة بالغفور باعتبار الكيفية وفي الغفار باعتبار الكمية وهو قياس المشدد للمبالغة في النعوت والأفعال وقال بعض الصالحين أنه تعالى غافر لأنه يزيل معصيتك من

<<  <  ج: ص:  >  >>