{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: ٩] في كتاب الإيمان.
قوله: (عَنْ عَمْرو وَهُوَ ابنُ دِيْنَارٍ) أي أبو محمَّد أحد الأئمَّة، ترجمته في باب كتابة العلم.
قوله: (عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ) أي أبو الشَّعثاء الأزدي، تقدَّم في باب الغسل بالصاع.
قوله: (عَنِ ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) ترجمته في بدء الوحي.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه أنَّ رواته بصريُّون ما خلا عَمْرو بن دينار فإنَّه مكِّي، قلت: وَقَعَ في «شرح العيني» بخطِّه: عن جابر بن زيد عن ابن عبَّاس في سند الحديث، ولمَّا تكلَّم على رجال السند أبدل ابن عبَّاس بأنس بن مالك، وهو سهو منه رحمه الله.
قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم صَلَّى بِالمَدِيْنَةِ سَبْعًا وَثَمانِيًا الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ. فقالَ أَيُّوْبُ: لَعَلَّهُ في لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ؟ قَالَ: عَسَى) أيُّوب هو السِّخْتياني.
مطابقته للترجمة في قوله: (سَبْعًا وثَمَانِيًا) لأنَّ المراد من (سَبْعًا) المغرب والعشاء، ومن (ثَمَانِيًا) الظُّهر والعصر على ما نذكره إن شاء الله تعالى، وذلك إنَّه أخَّر المغرب إلى آخر وقته، فحين فرغ منه دخل وقت العشاء، وكذلك أخَّر الظُّهر إلى آخر وقته، فلمَّا صلَّاها وخرج وقته ودخل وقت العصر صلَّى العصر، قال العَيني: فهذا الجمع الذي قاله أصحابنا - أي الحنفيَّة - إنَّه جمع فعلًا لا وقتًا، وقيل: أشار البخاري إلى إثبات القول باشتراك الوقتين، قال: لا نُسلِّم ذلك؛ لأن تأخير الظُّهر إلى العصر لا يُفهم ذلك ولا يستلزمه. انتهى. قلت: أشار العَيني بهذا إلى قول ابن المنيِّر الذي قدَّمناه، وكل منهما راعى في قوله مذهبه. انتهى.
قوله: (سَبْعًا) أي سبع ركعات، ثلاثة للمغرب وأربعة للعشاء.
قوله: (وَثَمَانِيًا) أي أربعة للظُّهر وأربعة للعصر، وفي الكلام لفٌّ ونشر، قال شيخنا: (سَبْعًا وَثَمَانِيًا)، أي سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا كما صرَّح به في باب وقت المغرب من طريق شُعْبَة عن عَمْرو بن دينار. انتهى.
قوله: (الظُّهْرَ) وما عطف عليه منصوبات، إما بدل أو بيان، أو على الاختصاص، أو على نزع الخافض، أي الظُّهر والعصر.
قوله: (قَالَ أَيُّوبُ: لَعَلَّهُ...) إلى آخره (قَالَ: عَسَى) القائل الثَّاني هو جابر بن زيد؛ لأنَّه المقول له، وقول الأوَّل: (لَعَلَّهُ) أي لعل هذا التأخير كان في ليلة مَطيرة -بفتح الميم- أي كثيرة المطر.
(قَالَ جَابِرُ: عَسَى) أي قال: عسى ذلك كان في اللَّيلة المطيرة، فاسم عسى وخبره محذوفان.
قلت: وسيأتي أنَّ أبا الشَّعثاء قال بخلاف هذا القول، لكنَّه لم يجزم بواحد منهما ولا استمرَّ. انتهى.
قال العَيني: تكلمت العلماء في هذا الحديث، فأوَّله بعضهم على أنَّه جمعَ بعذر المطر، ويؤيد هذا ما رواه أبو داود: حدَّثنا القَعنَبي عن مالك عن أبي الزُّبَيْر المكَّي عن سعيد بن جُبَير عن عبد الله بن عبَّاس قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ الظهرَ والعصرَ جميعًا، والمغربَ والعشاءَ جميعًا في غيرِ خوفٍ ولا سفرٍ))، قال مالك: أرى ذلك كان في مطر، وأخرجه مسلم والنَّسائي وليس فيه كلام مالك رحمه الله.
وقال الخطَّابيُّ: وقد اختلف النَّاس في جواز الجمع بين الصَّلاتين في المطر وفي الحضر، فأجازه جماعة من السَّلف، روي ذلك عن ابن عمر، وفعله عُرْوَة بن الزُّبَيْر وابن المُسَيَّب وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة وعامة فقهاء المدينة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن