الله: لا يجب ما لم يجد وقتًا يسع الأداء فيه حقيقةً، وعن الشَّافعي رحمه الله قولان فيما إذا أدرك دون ركعة كتكبيرة مثلًا، أحدهما: لا يلزمه، والآخر: يلزمه، وهو أصحُّهما. انتهى.
وفيه: أنَّهم اختلفوا في معنى الإدراك، هل هو للحكم أو للفضل أو للوقت من أقلِّ من ركعة؟ فذهب مالك وجمهور الأئمة، وهو أحد قولي الشافعي، إلى أنَّه لا يدرك شيئًا من ذلك بأقلِّ من ركعة، متمسكين بلفظ الركعة، وبما في «صحيح ابن حبَّان» عن أبي هريرة: ((إذا جئتم إلى الصَّلاة ونحن سجود فاسجدوها ولا تعدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصَّلاة))، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي في قولٍ إلى إنَّه يكون مدركًا لحُكم الصَّلاة.
فإن قلت: قيَّد في الحديث ركعة، فينبغي ألَّا يعتبر أقلَّ منها، قال العَيني: قيَّد الركعة فيه خرج مخرج الغالب، فإنَّ غالب ما يمكن معرفة الإدراك به ركعة ونحوها، حتَّى قال بعض الشافعيَّة: إنَّما أراد رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذكر الركعة البعض من الصَّلاة؛ لأنَّه رُوي عنه:((منْ أدركَ ركعةً منَ العصرِ)) و ((منْ أدركَ ركعتينِ منَ العصرِ)) و ((منْ أدركَ سجدةً منَ العصرَ)) والتكبيرة في حكم الركعة؛ لأنَّها بعض الصَّلاة، فمن أدركها فكأنَّه أدرك ركعة. انتهى. قلت: هذا التفسير يوافق مذهبه، وقد علمت ما فيه مما تقدَّم. انتهى.
وقال القُرْطُبي: واتَّفق هؤلاء - يعني أبا حنيفة وأبا يوسف والشافعي في قول - على إدراكهم العصر بتكبيرة قبل الغروب، واختلفوا في الظُّهر، فعند الشَّافعي في قول: هو مدرك بالتكبيرة لها؛ لاشتراكهما في الوقت، وعنه: إنَّه بتمام القيام للظُّهر يكون قاضيًا لها، واختلفوا في الجمعة، فذهب مالك والثَّوْري والأوزاعي واللَّيث وزُفَر ومحمَّد والشافعي وأحمد إلى أنَّ من أدرك ركعة منها أضاف إليها أخرى، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا أحرَّم في الجمعة قبل سلام الإمام صلَّى ركعتين، وهو قول النَّخَعي والحكم وحمَّاد، وأغرب عطاء ومكحول وطاوس ومجاهد فقالوا: من فاتته الخطبة يوم الجمعة يصلِّي أربعًا؛ لأنَّ الجمعة إنَّما قصرت من أجل الخطبة. وحمل أصحاب مالك قوله:((منْ أدركَ ركعةً منَ العصرِ)) على أصحاب الأعذار كالحائض والمغمى عليه وشبههما.
ثمَّ هذه الركعة الَّتي يدركون بها الوقت هي بقدر ما يكبِّر فيها للإحرام، ويقرأ أمَّ القرآن قراءة معتدلة، أو يركع ويسجد سجدتين يفصل بينهما ويطمئن في كلِّ ذلك على قول من أوجب الطمأنينة، وعلى قول من لا يوجب قراءة أمِّ القرآن في كلِّ ركعة يكفيه تكبيرة الإحرام والوقوف لها، وأشهب لا يراعي إدراك السجدة بعد الركعة.
وسبب الخلاف: هل المفهوم من اسم الركعة الشرعيَّةُ أو اللغويَّةُ. وأمَّا الَّتي يدرك بها فضيلة الجماعة، فحكمها بأن يكبِّر لإحرامها، ثمَّ يركع ويمكِّن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام رأسه، وهذا مذهب الجمهور، ورُوي عن أبي هريرة: إنَّه لا يعتدُّ بالركعة ما لم يدرك الإمام قائمًا قبل أن يركع. ورُوي معناه عن أَشْهَب، وروى جماعة من السَّلف: إنَّه متى أحرم والإمام راكع أجزأه وإن لم