للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن شُعْبَة: كان الحجَّاج يؤخِّر الصَّلوات. انتهى.

قال العَيني: لم يقل الكِرْماني: إنَّ الرواية بضمِّ أوَّله، وإنما قال: الحجَّاج بضمِّ الحاء جمع الحاجِّ، وفي بعضها بفتحها، وهو ابن يوسف الثَّقَفي، وهذا أصحُّ ذكره مسلم، ولم يقف الكِرْماني على الضمِّ، بل نبَّه على الفتح ثمَّ قال: وهذا أصحُّ. انتهى.

قال شيخنا: أخذ العَيني كلامي بعينه - أي في الكلام على هذا المحل - ونسبه لنفسه، وتعقَّب كلامي بما يضحك منه؛ لأنَّ حاصله: لم يقل الكِرْماني إنَّ الرواية بالضمِّ، بل نبَّه على الفتح ثمَّ قال: وهذا أصحُّ، فكأن العَيني لا يدري أنَّ من قال الحجَّاج بضمِّ الحاء جمع حاج، وفي بعضها بالفتح، قال: إنَّ الرواية وقعت بالضمِّ وبالفتح، وهي بالفتح أصحُّ، وإلَّا فما معنى أصحُّ؟! والرواية في هذا الحديث بالضمِّ لا تؤخذ عن موثوق به من أهل الرواية ولا غير موثوق به إلَّا ما وَقَعَ في عبارة الكِرْماني، أفما يستحي العَيني من هذا الانتصار البارد، ثمَّ لا يكتفي بالردِّ على السَّابق حتَّى يجعل مصحوبًا بالإغارة على كلام من نبَّه على ما يقع في كلام غيره من الخطأ؟! فإذا كان عنده لا يوثق به فكيف يأخذ كلامه بعينه ويرتضيه ويجزم به وينسبه لنفسه؟! وإن كان يوثق به فكيف يبالغ في التَّعسُّف في ردِّ كلامه مع ظهور صوابه؟! ومن أراد العجب فليتأمَّل ما استعلنه في هذا الشرح خصوصًا في هذا الباب. انتهى.

وكان قدوم الحجَّاج المذكور ههنا إلى المدينة واليًا من قِبل عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين، وذلك عُقيب قتل ابن الزُّبَيْر رضي الله عنهما، فأمَّره عبد الملك على الحرمين، ثمَّ نقله بعد هذا إلى العراق.

قوله: (فَسَأَلَنا جَابرُ بنُ عَبْدِ اللهِ) أي ابن زيد، ترجمته في بدء الوحي، قال العَيني: لم يبيِّن المسؤول ما هو تقديره، فسألنا جابر بن عبد الله عن وقت الصلاة، وقد فسَّره في حديث أبي عَوانة في «صحيحه» من طريق أبي النصر عن شعبة: سألنا جابر بن عبد الله في زمن الحجَّاج وكان يؤخِّر وقت الصلاة.

قوله: (بِالهَاجِرَةِ) الهاجرة: شدَّة الحرِّ، والمراد بها نصف النَّهار بعد الزوال، سمِّيت بها لأنَّ الهجرة هي الترك، والناس يتركون التصرف حينئذ لشدَّة الحرِّ لأجل القيلولة وغيرها، فإن قلت: ظاهره يعارض حديث الإبراد؛ لأنَّ قوله: (كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ) يشعر بالكثرة والدوام عرفًا.

قال ابن دقيق العيد: ويُجمع بين الحديثين بأن يكون أطلق الهاجرة على الوقت بعد الزوال مطلقًا لأن الإبراد كما تقدَّم مفيد بحال شدَّة الحرِّ وغير ذلك كما تقدَّم، فإن وُجِدَتْ شروط الإبراد أبرد، وإلا عجَّل، فالمعنى: كان يصلِّي الظهر بالهاجرة إلَّا إنَّ احتاج إلى الإبراد. قال شيخنا: وتعقِّب بأنَّه لو كان ذلك مُرَاده لفصَّل كما فصَّل في العشاء، والله أعلم. انتهى.

قوله: (وَالعَصْرَ) بالنَّصب، أي ويصلِّي العصر.

قوله: (وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ) أي بالنُّون، جملة اسميَّة وقعت حالًا على الأصل بالواو، ومعنى نقيَّة: أي خالصة صافية لم يدخلها بعدُ صفرة وتغيَّر. قلت: قال ابن الأثير في «النهاية» : والنقي المخ، يقال: نقيِّت العظم وانتقيته

<<  <   >  >>