للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقوته، قال: وفيه: ((المدينة كالكير تنفي خبثها)) الرواية المشهورة بالفاء، وقد جاء في رواية بالقاف، فلو كانت مخفَّفة فهو من إخراج المخ، أي يستخرج خبثها، وإن كانت مشدَّدة فهو من التنقية، وهو إفراد الجيد من الرديء. انتهى.

قوله: (وَالمَغْرِبَ) أي بالنَّصب أيضًا، والتقدير: وكان يصلِّي المغرب.

قوله: (إِذا وَجَبَتْ) أي إذا غابت الشَّمس، وأصل الوجوب السقوط، والمراد سقوط قرص الشَّمس، وفاعل وجبت مستتر وهو الشَّمس، وفي رواية أبي داود عن مسلم بن إبراهيم: ((والمغرب إذا غربت الشَّمس) ولأبي عَوانة من طريق أبي النَّضر عن شُعْبَة: ((والمغرب حين تجب الشَّمس)) أي حين تسقط، وفيه دليل على أنَّ سقوط قرص الشَّمس يدخل به وقت المغرب، ولا يخفى أنَّ محلَّه ما إذا كان لا يحول بين رؤيتها غاربة وبين الرائي حائل، والله أعلم. انتهى.

قوله: (وَالعِشَاءَ) بالنَّصب أيضًا، أي وكان يصلِّي العشاء.

قوله: (أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا) أي منصوبان على الظرفيَّة، والأحيان جمع حين، وهو اسم مبهم يقع على القليل والكثير من الزمان، وهو المشهور، وهو المراد ههنا وإن كان جاء بمعنى أربعين سنة وبمعنى ستَّة أشهر، والمعنى: كان يصلِّي العشاء في أحيان بالتقديم وفي أحيان بالتأخير، قال شيخنا: وسيأتي الكلام على حكم وقت العشاء في بابه.

قوله: (إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ) هذا بيان لقوله: (أَحْيَانًا) يعني: إذا رأى الجماعة اجتمعوا عجَّل بالعشاء؛ لأنَّ في تأخيرها تنفيرهم.

قوله: (وَإِذَا رَآهُم أَبطَؤُوا أَخَّرَ) هذا بيان لقوله: (وَأَحْيَانًا) يعني: إذا رأى الجماعة تأخُّروا أخَّر العشاء لإحراز فضيلة الجماعة، وأبطؤوا على وزن أفعلوا بفتح الطاء وضم الهمزة، قال الكِرْماني: والجملتان الشرطيتان في محلِّ النَّصب حالًا من الفاعل. أي يصلِّي العشاء معجِّلًا إذا اجتمعوا ومؤخِّرًا إذا تباطؤوا، ويحتمل أن يكونا من المفعول والراجع إليه محذوف؛ إذ التقدير: عجَّلها وأخّرها، قال العَيني: لا نسلِّم أنَّ إذا ههنا للشرط بل على أصلها للوقت، والمعنى: كان يصلِّي العشاء أحيانًا بالتعجيل إذا رآهم اجتمعوا، وكان يصلِّي أحيانًا بالتأخير إذا رآهم تأخَّروا، والجملتان بيانيتان كما ذكرنا، وكل واحد من عجَّل وأخَّر جواب إذا.

قوله: (وَالصُّبْحَ) أي بالنَّصب أيضًا، والتقدير كما تقدم.

قوله: (كَانُوا أَوْ كَانَ) أي بكلمة الشك، قال الكِرْماني: الشك من الرَّاوي عن جابر، ومعناهما متلازمان؛ لأنَّ أيهما كان يدخل فيه الآخر، إن أراد النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فالصحابة في ذلك كانوا معه، وإن أراد الصحابة رضي الله عنهم فالنَّبِيُّ عليه السَّلام كان إمامهم، وخبر (كَانُوا) محذوف يدلُّ عليه (يُصَلِّيْها) أي كانوا يصلُّون، وقال ابن بطَّال: ظاهره أنَّ الصُّبح كان يصلِّيها بغلس اجتمعوا أو لم يجتمعوا، ولا يفعل فيها كما يفعل في العشاء، وهذا من فصيح الكلام، وفيه حذفان: حذف خبر كان وهو جائز كحذف خبر المبتدأ كقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] والمعنى: واللائي لم يحضن فعدَّتهنَّ مثل ذلك ثلاثة أشهر، والحذف الثَّاني حذف الجملة الَّتي هي الخبر لدلالة ما تقدَّم عليه، وحذف الجملة الَّتي بعد أو مع كونها مقتضية لها، وقال السَّفَاقُسي: تقديره: أَوَلم يكونوا مجتمعين، ويصحُّ أن تكون كان تامة غير ناقصة، فتكون بمعنى الحضور والوقوع، ويكون المحذوف

<<  <   >  >>