إلَّا هُوَ} [آل عمران: ١٨] قال الزَّجَّاج: معناه بيَّن، وقال شيخنا: أي أعلمني أو أخبرني، ولم يُرد شهادة الحكم، وقال الكِرْماني: المراد من الشَّهادة لازمها وهو الإعلام، أي أعلمني رجال عدول، قلت: والرجال جمع رجل، وقد مرَّ الكلام عليه في بدء الوحي عند قوله:(فيَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا). انتهى.
قوله:(مَرْضِيُّوْنَ) أي لا شكَّ في صدقهم ودينهم.
قوله:(وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ) أفعَل التفضيل للمفعول، قال شيخنا: لم يقع لنا تسمية الرجال المرضيون الذين حدَّثوا ابن عبَّاس بهذا الحديث، وبلغني أنَّ بعض من تكلَّم على العمدة تجاسر، وزَعَمَ أنَّهم المذكورون فيها عند قول مصنِّفها، وفي الباب عن فلان وفلان، ولقد أخطأ هذا المتجاسر خطأً بينًا فلا حول ولا قوَّة إلَّا بالله. انتهى.
قوله:(بَعْدَ الصُّبْحِ) أي بعد صلاة الصبح، لأنَّه لا جائز أن يكون الحكم فيه معلَّقًا بالوقت، إذ لا بدَّ من أداء الصبح.
قوله:(حَتَّى تُشْرِقَ) -بضمِّ التاء- من الإشراق، يقال: أشرقت الشَّمس ارتفعت وأضاءت؛ ويؤيِّده حديث أبي سعيد الآتي في الباب بعده بلفظ:(حَتَّى تَرتَفِعَ الشَّمسُ)، ويرُوى بفتح أوَّله وضمِّ ثانيه بوزن تغرب؛ يقال: شَرقت الشَّمس أي طلعت؛ ويؤيِّده رواية البَيْهَقي من طريق أخرى عن ابن عُمَر شيخ البخاري منه بلفظ:((حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمس أَوْ تَطْلُعُ)) على الشكِّ، وقد ذكرنا أن في رواية مُسَدَّد:((حَتَّى تَطْلُعَ)) بغير شكَّ، وكذا هو في حديث أبي هريرة الآتي آخر الباب بلفظ:(حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) بالجزم، ويُجمع بين الحديثين بأنَّ المراد بالطلوع طلوع مخصوص، أي حتَّى تطلع مرتفعة، وفي «المحكم» : أشرقت الشَّمس أضاءت وانبسطت، وقيل: شرقت وأشرِقت أضاءت، وشرقت بالكسر دنت للغروب، وكذا حكاه ابن القطَّاع في أفعاله، وزَعَمَ إنَّه قول الأصمعي، وابن خالويه في كتاب «ليس»، وقطرب في كتاب «الأزمنة»، وقال عياض: المراد من الطلوع ارتفاعها وإشراقها وإضاءتها، لا مجرَّد طلوع قرصها، قال العَيني: احتجَّ به أبو حنيفة على أنَّه يكره أن يتنفَّل بعد صلاة الفجر حتَّى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتَّى تغرب الشمس، وبه قال الحسن البصري وسعيد بن المُسَيَّب والعلاء بن زياد وحُمَيْد بن عبد الرحمن، وقال النخعي: كانوا يكرهون ذلك، وهو قول جماعة من الصحابة، وقال ابن بطَّال: تواترت الأحاديث عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلاة بَعْدَ الصُّبح وَبَعْدَ العَصْر))، وكان عُمَر رضي الله عنه يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير، فدلَّ أنَّ صلاته عليه السَّلام مخصوصة به دون أمَّته، وكره ذلك علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبو هريرة وسَمُرَة بن جُندُب وزيد بن ثابت وسَلَمَة بن عُمَر وكعب بن مرَّة وأبو أمامة وعَمْرو بن عبسة وعائشة و الصُّنابِحي واسمه عبد الرحمن بن عقيلة وعبد الرحمن بن عُمَر وعبد الله بن عمرو،