للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصلَّى العصر، ثمَّ أقام فصلَّى المغرب، ثمَّ أقامَ فصلَّى العشاء))، فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فمن أين التخيير؟، قال العَيني: جاء في روايةٍ قضاهنَّ عليه السَّلام بأذان وإقامة، وفي روايةٍ بأذان وإقامة للأولى، وإقامة لكلِّ واحدة من البواقي، ولهذا الاختلاف خيرنا في ذلك؛ وفي «التحفة» وروي في غير رواية الأصول عن محمَّد بن الحسن: إذا فاتته صلوات يقضي الأولى بأذان وإقامة والباقي بالإقامة دون الأذان، وقال الشافعي: في الجديد يقيم لهنَّ ولا يؤذَّن، وفي القديم: يؤذِّن للأولى ويقيم ويقتصر في البواقي على الإقامة، وقال النَّوَوي في «شرح المهذب» : يقيم لكلِّ واحدة بلا خلاف ولا يؤذَّن لغير الأولى منهنَّ، وفي الأولى ثلاثة أقوال في الأذان، أصحُّها يؤذَّن؛ ولا يغترَّ بتصحيح الرافعي منع الأذان، والأذان للأولى مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور، وقال ابن بطَّال: لم يذكر في الأولى عن مالك والشافعي، وقال الثَّوْري والأوزاعي وإِسْحاق: لا يؤذَّن لفائتة. انتهى.

قال شيخنا: وقال الشَّافعي في الجديد: لا يؤذَّن لها، والمختار عند كثير من أصحابه أن يؤذَّن لصحَّة الحديث، وحمل الأذان هنا على الإقامة ضعيف، فإنه عقب الأذان بالوضوء، ثمَّ بارتفاع الشَّمس، فلو كان المراد به الإقامة لما أخَّر الصَّلاة عنها، نعم يمكن حمله على المعنى اللغوي وهو محض الإعلام، ولا سيَّما على رواية الكُشمِيهَني، وقد روى أبو داود وابن المنذر في حديث عِمْران بن حُصَين في نحو هذه القصة، فأمر بلالًا فأذَّن فصلِّينا ركعتين ثمَّ أمره فأقام فصلَّى الغداة، وسيأتي الكلام على الحديث الذي احتجَّ به، من لم يرَ التأذين في الباب الذي بعد هذا. انتهى.

وفيه دليل على أن قضاء الفوائت بعذر ليس على الفور، وأمَّا الفائتة بلا عذر فالأصحُّ قضاؤها على الفور، وهو الصحيح لكن يستحبُّ قضاؤها على الفور، وحكى البَغَوي وجهًا عن الشَّافعي إنَّه على الفور، وأمَّا الفائتة بلا عذر فالأصحُّ قضاؤها على الفور، وقيل له التأخير كما في الأوَّل.

قال العَيني: وفيه أنَّ الفوائت لا تُقضى في الأوقات المنهي عن الصَّلاة فيها، واختلف أصحابنا أي الحنفيَّة في قدر الوقت الذي يُباح فيه الصَّلاة بعد الطلوع، قال في الأصل حتَّى ترتفع الشَّمس قدر رمح أو رمحين، وقال أبو بكر محمَّد بن الفضل: ما دام الإنسان يقدر على النظر إلى قرص الشَّمس لا تباح فيه الصَّلاة، فإذا عجز عن النظر يباح. انتهى. قلت: هذا على قاعدة مذهبه، وقدم البحث معه في ذلك. انتهى.

وفيه دليل على جواز قضاء الفائتة بالجماعة، واحتجَّ المُهَلَّب به على أنَّ الصَّلاة الوسطى هي صلاة الصُّبح، لأنَّه عليه السَّلام لم يأمر أحدًا بمراقبة وقت صلاة غيرها، وفيه نظر لا يخفى، قلت: لأنَّ أمره بمراقبة وقتها ليس لذلك، إنَّما هو لأجل إنَّه يُوقظ للصلاة. انتهى. قال ويدلُّ على إنَّها هي المأمور بالمحافظة عليها، إنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم تفته صلاة غيرها

<<  <   >  >>