للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كيف يطابق الترجمة، والترجمة في بدء الأذان، والحديث يدلُّ على أنَّه عليه السَّلام أمر بلالًا بالنداء للصلاة، والنداء لا يفهم منه الأذان المعهود بالكلمات المخصوصة؟ قال العَيني: المراد بالنداء الأذان المعهود، ويدلُّ عليه أنَّ الإسماعيلي أخرج هذا الحديث، ولفظه فأذِّن بالصلاة، وكذا قال أبو بكر بن العَرَبي: إنَّ المراد الأذان المشروع. فإن قلت: قال القاضي عياض: المراد الإعلام المحض بحضور وقتها، لا خصوص الأذان المشروع، قال العَيني: يحمل أنَّه استند في ذلك على ظاهر اللفظ، ولئن سلَّمنا ما قاله، فالمطابقة بينهما موجودة باعتبار أنَّ أمره عليه السَّلام لبلال بالنِّداء للصَّلاة كان بدء الأمر في هذا الباب فإنه لم يسبق أمر بذلك قبله، بل إنَّما قال ذلك عليه السَّلام بعد تحينهم للصَّلاة وتشاورهم فيما بينهم، ماذا يفعلون في الإعلام بالصَّلاة.

هذا الحديث أخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن محمَّد بن رافع عن عبد الرزَّاق وعن إِسْحاق بن إبراهيم وعن هارون بن عبد الله، وأخرجه التِّرْمِذي فيه عن أبي بكر بن أبي النَّضر، وأخرجه النَّسائي فيه عن محمَّد بن إسماعيل وإبراهيم بن الحسن.

قوله: (أنَّ ابنَ عُمَر كانَ يَقُولُ) وفي رواية مسلم، عن عبد الله بن عُمَر، إنَّه قال.

قوله: (حَيْنَ قَدِمُوا المَدِيْنَةَ) أي من مكَّة مهاجرين.

قوله: (فَيَتَحَيَّنُوْنَ) -بالحاء المهملة- أي يقدرون تحينها ليأتوا إليها، وهو من التحين من باب التفعل، الذي وضع للتكلُّف غالبًا، والتحين من الحين وهو الوقت والزَّمن.

قوله: (لَيْسَ يُنَادَى لَهَا) أي للصلاة وهو على بناء المفعول، فهو بفتح الدَّال، وقال ابن مالك: هذا شاهد على جواز استعمال ليس حرفًا، لا اسم لها ولا خبرًا، أشار إليها سيبويه، ويحتمل أن يكون اسمها ضمير الشأن، والجملة بعدها خبر، ورواية مسلم تؤيِّد ذلك، فإن لفظة ليس ينادى بها أحد.

قوله: (فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ) قال شيخنا: لم يقع في تعيين المتكلِّمين في ذلك، واختصر الجواب في هذه الرواية، ووَقَعَ لابن ماجَهْ من وجه آخر، عن ابن عُمَر: (أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم اسْتَشَارَ النَّاس لِمَا يَجْمَعُهُمْ إِلَى الصَّلاة، فَذَكَرُوا البُوقَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ اليَهُودِ، ثمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى) وقد تقدَّمت رواية روح بن عطاء نحوه، وفي الباب عن عبد الله بن زيد عند أبي الشيخ، وعن أبي عُمَير بن أَنَس عن عمومته عند سعيد بن منصور.

قوله: (اتَّخَذُوا) على صورة الأمر.

قوله: (بُوقًا) أي قال بعضهم: اتخذوا بوقًا -بضمِّ الباء الموحَّدة وبعد الواو الساكنة قاف- وهو الذي يُنفخ فيه، ووَقَعَ في بعض النُّسخ بل قرنًا، وهي رواية مسلم والنَّسائي، والبوق والقرن معروفان، والمراد إنَّه ينفخ فيه فيجتمعون عند سماع صوته، وهو من شعار اليهود، ويسمَّى أيضًا الشَبُّور -بفتح الشين المعجمة وضمِّ الباء الموحدة المثقَّلة- قلت: وللنَّصارى أيضًا شيء من نحاس على صفة القلقل، يجعلونه في أعلى موضع في الكنيس أو الدير، وفيه حبل يهزونه به في الأوقات الَّتي يجتمعون فيها في كنائسهم. انتهى.

قوله: (فَقَالَ عُمَر

<<  <   >  >>