للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ) الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدَّر، أي أتقولون بموافقتهم ولا تبعثون، وقال الطِّيبي: الهمزة إنكار للجملة الأولى أي المقدَّرة، وتقرير للجملة الثانية.

قوله: (رَجَلًا) زاد الكُشْمِيهَني: <مِنْكُمْ>.

قوله: (يُنَادِي) جملة فعليَّة مضارعة في محلِّ النَّصب على الحال من الأحوال المقدَّرة، وقال القُرْطُبي: يحتمل أن يكون عبد الله بن زيد لما أخبر برؤياه، وصدَّقه النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بادر عُمَر رضي الله عنه فقال: أولا تبعثون رجلًا ينادي، أي يؤذِّن بالرؤيا المذكورة، فقال النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (قُمْ يَا بِلَالُ)، فعلى هذا فالفاء في قوله: (فَقَالَ عُمَرُ) فاء الفصيحة، والتقدير: فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد، فجاء إلى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقصَّ عليه فصدَّقه، فقال عمر: أو لا تبعثون. انتهى. هذا يصرِّح أن معنى قوله عليه السلام: (يَا بِلَالُ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ)، أي فأذِّن بالرؤيا المذكورة، قال شيخنا: وسياق [حديث] (١) عبد الله بن زيد يخالف ذلك فإنَّ فيه: لما قصَّ رؤياه على النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال له: أَلْقِهَا عَلَى بِلَال فَلْيُؤَذِّنْ بِهَا قال: فسمعَ عُمَر الصَّوت فخرجَ فأتى النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: لقدْ رأيتُ مثلَ الذي رأى. فدلَّ على أن عُمَر لم يكن حاضرًا لما قصَّ عبد الله بن زيد رؤياه، والظاهر أن إشارة عُمَر بإرسال رجل ينادي بالصلاة كانت عقب المشاورة فيما يتعلَّق به، وأنَّ رؤيا عبد الله بن زيد كانت بعد ذلك، والله أعلم.

قال القاضي عياض: المراد الإعلام المحضُّ بحضور وقتها لا خصوص الأذان المشروع، قال شيخنا: وأغرب القاضي أبو بكر بن العَرَبي فحمل قوله: (أذَّن) على الأذان المشروع فطعن في صحَّة حديث ابن عمر، وقال: عجبًا لأبي عيسى كيف صحَّحه، والمعنى ورد أن يشرع الأذان إنَّما كان برؤيا عبد الله بن زيد. انتهى. فلا تُدفع الأحاديث الصحيحة بمثل هذا مع إمكان الجمع كما قدَّمناه، وقد قال ابن مَندَه في حديث ابن عُمَر: إنَّه مجمع على صحَّته.

قال العَيني: أما حديث عبد الله بن زيد فأخرجه أبو داود حدَّثنا محمَّد بن مَنْصور الطُّوسي حدَّثنا يعقوب حدَّثنا أبي عن محمَّد بن إِسْحاق حدَّثني محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْمي عن محمَّد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربُّه حدَّثني أبي عبد الله بن زيد قال: ((لما أمرَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بالناقوس ليعمل ليضرب به النَّاس لجمع الصَّلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبد الله أتبيع النَّاقوس؟ قال: وما يصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصَّلاة، قال: أفلا أدلُّك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلَّا الله أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمَّدًا رسول الله أشهد أن محمَّدًا رسول الله، حيَّ على الصَّلاة حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح


(١) ليس في الأصل، وأضيفت لتمام المعنى من فتح الباري وعمدة القاري.

<<  <   >  >>