للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى أن توفي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ومؤذِّن أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه إلى أن توفي من غير ترجيع.

ومنها قال العَيني: أنَّ التكبير في أوَّل الأذان مربَّع، على ما في حديث أبي مَحذُورَة، رواه مسلم وأبو عَوانة والحاكم، وهو المحفوظ عن الشَّافعي من حديث ابن زيد رضي الله عنه، وقال أبو عُمَر: ذهب مالك وأصحابه إلى أنَّ التكبير في أوَّل الأذان مرَّتين، قال: وقد روي ذلك من وجوه صحاح في أذان أبي مَحذُورَة، وأذان ابن زيد، والعمل عندهم بالمدينة على ذلك، في آل سعد القَرَظ إلى زمانهم، قال العَيني: الذي ذهبنا إليه هو أذان الملك الباري من السماء. انتهى.

ومنها في أذان الفجر الصَّلاة خير من النَّوم مرَّتين بعد الفلاح، روى الطَّبَرَاني في «معجمه الكبير» بإسناده عن بلال: ((أنَّه أتى النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يؤذنه بالصبح، فوجده راقدًا فقال: الصَّلاة خير من النَّوم مرَّتين، فقال النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: مَا أَحْسَنَ هَذَا يَا بِلَال، اجْعَلْهُ فِي أَذَانِكَ)) وأخرجه الحافظ أبو الشيخ في كتاب الأذان له عن ابن عُمَر قال: ((جاء بلال إلى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يؤذنه بالصُّبْح، فوجده قد أغفى، فقال: الصَّلاة خير من النَّوم، فقال له: اجْعَلْهُ فِي أَذَانِكَ إِذَا أَذَّنْتَ للصُّبْحِ فجعل بلال يقولها إذا أذَّن للصُّبْح)) ورواه ابن ماجَهْ من حديث سعيد بن المُسَيَّب عن بلال: ((أنَّه أتى النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يؤذِّنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصَّلاة خير من النَّوم الصَّلاة خير من النَّوم))، فأُقرَّت في تأذين الفجر وخصَّ الفجر به لأنَّه وقت نوم وغفلة.

ومنها معاني كلمات الأذان، ذكر ثعلب أنَّ أهل العربيَّة اختلفوا في معنى أكبر، فقال أهل اللَّغة: معناه كبير، واحتجُّوا بقوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧] معناه: وهو هيِّن عليه، وكما في قول الشاعر:

تمنَّى رجال أن أموت وإن أمت... فتلك سبيل لست فيها بأوحد

أي لست فيها بواحد، وقال الكِسائي والفرَّاء وهشام: معناه أكبر من كلِّ شيء، فحذفت (من) كما في قول الشاعر:

إذا ما ستور البيت أُرخيت لم يكن... سراج لنا إلَّا ووجهك أنور

أي أنور من غيره، وقال ابن الأَنْباري: وأجاز أبو العبَّاس: الله أكبر، واحتجَّ بأنَّ الأذان سُمِعَ وقفًا لا إعراب فيه.

قوله: (أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إلَّا الله) معناه: أعلم وأبيِّن، ومن ذلك شهد الشاهد عند الحاكم، معناه قد بيَّن له وأعلمه الخبر الذي عنده، وقال أبو عبيدة: معناه أقضي كما في: {شَهِدَ اللهُ} [آل عمران: ١٨] معناه: قضى الله، وقال الزَّجَّاجي: ليس كذلك، وإنما حقيقة الشَّهادة هو تيقُّن الشيء وتحققه، من شهادة الشيء أي حضوره.

قوله: (رَسُولُ اللهِ) قال ابن الأَنْباري: الرَّسُول معناه في اللُّغة: الذي يتابع الأخبار من الذي بعثه، من قول العرب قد جاءت الإبل رسلًا، إذا جاءت متتابعة ويقال في تثنيته: رسولان، وفي جمعه: رسل، ومن العرب من يوحِّده في موضع

<<  <   >  >>