للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إدراج ويجاب عن ذلك بأنه لا يمنع كون ابن شهاب قاله أن يكون شيخه قاله وكذا شيخ شيخه.

وقد رواه البيهقي مِن رواية الربيع بن سليمان عن ابن وهب عن يونس والليث جميعًا عن ابن شهاب. وفيه قال سالم: ((وكان رجلًا ضرير البصر)). ففي هذا أن شيخ ابن شهاب قاله أيضًا. وسيأتي في كتاب الصيام عند المصنف من وجه آخر عن ابن عمر ما يؤدي معناه وسنذكر لفظه قريبًا فتثبت صحة وصله. ولابن شهاب فيه شيخ آخر أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه عن سعيد بن المسيب وفيه الزيادة.

قال ابن عبد البرِّ: هو حديث آخر لابن شهاب وقد وافق ابن إسحاق معمرًا فيه عن ابن شهاب.

قوله: (أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ) أي دخلتَ في الصباح. هذا ظاهره، واستُشكل لأنه جعل إذ إنه غاية للأكل فلو لم يؤذن حتى يدخل الصباح للزم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر والإجماع على خلافه إلا ما روي عن سليمان الأعمش جوازه بعد طلوع الفجر، قال شيحنا: وقد شذَّ الأعمش. انتهى.

وأجاب ابن حبيب وابن عبد البرِّ والأصيلي وجماعة مِن الشُّراح أَّن المراد: قاربتَ الصباح، قال العيني: لأن قرب الشيء قد يعبَّر به عنه كما في قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [٢٣٤: البقرة]، أي قارَبن لأنَّ العدة إذا تمَّت فلا رجعة. انتهى.

قال شيخنا: ويعكِّر على جواب أبي حبيب أن في رواية الربيع التي قدمناها ((ولم يكن يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذِّنْ)). وأبلغ مِن ذلك أنَّ لفظ رواية المصنف التي في الصيام ((حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر))، وإنما قلت إنه أبلغ لكون جميعه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وأيضًا فقوله: ((إن بلالًا يؤذن بليل)) يشعر أنَّ ابن أم مكتوم بخلافه لأنه لو كان قبل الصبح لم يكن بينه وبين بلال فرق لصدق أن كلًّا منهما أذَّن قبل الوقت، وهذا الموضع عندي في غاية الإشكال وأقرب ما يقال فيه: إنَّ أذانه جعل علامة لتحريم الأكل وكأن كان له مِن يراعي الوقت بحيث يكون أذانه مقارنًا لابتداء طلوع الفجر وهو المراد بالبزوغ، وعند أخذه في الأذان يعترض الفجر في الأفق ثم ظهر لي أنه لا يلزم مِن كون المراد بقولهم (أَصْبَحْتَ) أي قاربت الصباح وقوع أذانه قبل الفجر لاحتمال أن يكون قولهم ذلك يقع في آخر جزء مِن الليل وأذانه يقع في أول جزء مِن طلوع الفجر.

وهذا وإن كان مستبعدًا في العادة فليس بمستبعد مِن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالملائكة فلا يشاركه فيه مَن لم يكن بتلك الصفة، وقد روى أبو قرة مِن وجه آخر عن ابن عمر حديثًا فيه: ((وكان ابن أم مكتوم يتوخى الفجر فلا يخطئه)). انتهى.

فيه ما احتج به الأوزاعي وعبد الله بن المبارك ومالك والشافعي وأحمد وإسحق وداود وابن جرير الطبري فقالوا: يجوز أن يؤذن للفجر قبل دخول وقته، وممن ذهب إليه أبو يوسف. واحتجوا أيضًا بما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل فكلوا واشربوا،

<<  <   >  >>