للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا أذَّن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا، وإن كانت المرأة منَّا ليبقى عليها شيء مِن سحورها فتقول لبلال: أمهِل حتى أفرغ مِن سحوري)) وروى الدارِمي مِن حديث الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين: بلال وأبو محذورة وعمرو ابن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد)). وروى النسائي أيضًا عن يعقوب عن هشيم عن منصور عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أُنَيسَة نحو حديث ابن خزيمة.

قال العيني: يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل الأذان بالليل نوبًا بين بلال وعمرو فأمر في بعض الليالي بلالًا أن يؤذن أولًا بالليل فإذا نزل بلال صعد عمرو فأذن بعده بالنهار، وإذا جاءت نوبة عمرو بدأ فأذن بليل فإذا نزل صعد بلال فأذن بعده بالنهار وكانت مقالة النبي صلى الله عليه وسلم ((إن بلالًا يؤذن بليل)) في الوقت الذي كانت فيه النوبة لبلال في الأذان بالليل، وكانت مقالته عليه السلام ((إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل)) في الوقت الذي كانت فيه النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم فكان عليه السلام يُعلم الناس في كلا الوقتين: أنَّ أذان الأول منهما هو أذان بليل لا بنهار، وأنه لا يمنع مَن أراد الصوم طعامًا ولا شرابًا وأنَّ أذان الثاني إنما يمنع المطعم والمشرب إذ هو بنهار لا بليل. انتهى.

وقال الثوري وأبو حنيفة ومحمد وزفر بن الهُذيل: لا يجوز أن يؤذَّن للفجر أيضًا إلا بعد دخول وقتها كما لا يجوز لسائر الصلوات إلا بعد دخول وقتها لأنه للإعلام به. وقيل: دخوله تجهيل وليس بإعلام، فلا يجوز. وأما الجواب عن أذان بلال الذي كان يؤذن بالليل قبل دخول الوقت فلم يكن ذلك قبل دخول الوقت فلم يكن ذلك لأجل الصلاة بل إنما كان ذلك لينتبه النائم وليستحر الصائم وليرجع الغائب، بيَّن ذلك ما رواه البخاري مِن حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يمنعن أحدَكم أو أحدًا منكم أذانُ بلال مِن سُحوره فإنه يؤذن أو ينادي بليل، ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم)) الحديث. على ما يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى، وأخرجه مسلم أيضًا وأخرجه الطحاوي مِن ثلاث طرق ولفظه: ((لا يمنعنَّ أحدَكم أذانُ بلال مِن سُحوره فإنه ينادي أو يؤذن ليرجع غائبكم ولينبه نائمكم)) الحديث.

ومعنى ((ليرجع غائبكم)) مِن الغَيبة ورجع يتعدى بنفسه ولا يتعدى، والرواية المشهورة ((ليرجع قائمكم)) مِن القيام ومعناه ليكمل ويستعجل بقية وِرده ويأتي بوِتره قبل الفجر. وقال عياض ما ملخصه: إنَّ ما قاله الحنفية بعيد إذ لم يختص هذا بشهر رمضان وإنما أخبر عن عادته في أذانه ولأنه العمل المنقول في سائر الحول بالمدينة، وإليه رجع أبو يوسف حين تحققه، ولأنه لو كان للسحور

<<  <   >  >>