للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يختص بصورة الأذان للصلاة.

قال العيني: هذا الذي قاله بعيد لأنهم لم يقولوا بأنه مختص بشهر رمضان والصوم غير مخصوص به. فكما أن الصائم في رمضان أكثرُ ممَّن يحيي ليالي غيره، فعلى قوله إذا كان أَذَانُ بِلالٍ لِلصلاة كان ينبغي أن يجوز أداء صلاة الفجر به. بل هم يقولون أيضًا بعدم جوازه نعلم أن أذانه إنما كان لأجل إيقاظ النائم ولإرجاع القائم.

ومِن أقوى الدلائل أن أذان بلال لم يكن لأجل الصلاة ما رواه الطحاوي مِن حديث حمَّاد بن سلَمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((إن بلالًا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام فرجع فنادى: ألا أن العبد نام)) وأخرجه أبو داود أيضًا. فهذا ابن عمر روى أول الحال أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) فثبت بذلك أن ما كان مِن ندائه قبل طلوع الفجر لم يكن للصلاة. فإن قلت: قال الترمذي: حديث حماد بن سلمة غير محفوظ، والصحيح حديثه الذي فيه: ((إن بلالًا ينادي بليل..)) إلى آخره.

قال العيني: ما له لا يكون محفوظًا صحيحًا لأنه لا مخالفة بين حديثيه لأنَّا قد ذكرنا أن حديثه الذي رواه غير حمَّاد إنما كان لأجل إيقاظ النائم وإرجاع القائم فلم يكن للصلاة. وأما حديث حمَّاد فإنه كان لأجل الصلاة فلذلك أمره بأن يعود وينادي: ((ألا إن العبد نام)).

ومما يقوي حديث حماد ما رواه سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: ((إن بلالًا أذن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي: إن العبد نام)) رواه الدارقطني ثم قال: تفرد به أبو يوسف عن سعيد وغيره يرسله، والمرسل أصح.

قال العيني: أيضًا أبو يوسف ثقة وهم وثقوه والرفع مِن الثقة زيادة مقبولة. ومما يقويه حديث حفصة بنت عمر رضي الله عنهما ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن بالفجر قام يصلي ركعتي الفجر ثم رجع إلى المسجد وحرم الطعام وكان لا يؤذن حتى يصبح)) رواه الطحاوي والبيهقي. فهذه حفصة تخبر أنهم كانوا لا يؤذنون للصلاة إلا بعد طلوع الفجر. فإن قلت: قال البيهقي: هذا مجهول إن صح على الأذان الثاني. وقال الأثرم: رواه الناس عن نافع عن ابن عمر عن حفصة ولم يذكروا فيه ما ذكره عبد الكريم عن نافع.

قال العيني: كلام البيهقي يدل على صحة الحديث عنده ولكنه لما لم يجد مجالًا لتضعيفه ذهب إلى تأويله. وعبد الكريم ثقة أخرج له الجماعة وغيرهم، فمن كان بهذه المثابة لا ينكر عليه إذا ذكر ما لم يذكره غيره. وقال الطحاوي: يحتمل أن يكون بلالٌ كان يؤذن في وقت يرى أن الفجر قد طلع فيه ولا يتحقق لضعف بصره، والدليل على ذلك ما رواه أنس قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغرنكم أذان بلال فإن في بصره شيئًا)) وقد ذكرناه فيما مضى، وأخرج الطحاوي تأكيدً لذلك

<<  <   >  >>