وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا عن أبي مَعْمَر في صفة إبليس، وأخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن شَيْبان بن فرُّوخ، وأخرجه أبو داود فيه عن موسى بن إسماعيل.
قوله:(فَأَرادَ شَابٌّ مِنْ بَني أَبي مُعَيْطٍ) ووَقَعَ في كتاب «الصلاة» لأبي نُعيم الفَضْل بن دُكَين، قال: حدَّثنا عبد الله بن عامر عن زيد بن أسلم قال: بينما أبو سعيد قائم يصلِّي في المسجد، فأقبل الوليد بن عُقْبَة بن أبي مُعَيط، فأراد أن يمرَّ بين يديه فدرأه، فأبى إلَّا أن يمرَّ فدفعه ولَكَمَه. فهذا يدلُّ على أنَّ هذا الشاب هو الوليد بن عُقْبَة.
وفي «المصنَّف» لابن أبي شَيْبَة: حدَّثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين قال: كان أبو سعيد قائمًا يصلِّي، فجاء عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يمرُّ بين يديه فمنعه، فأبى إلَّا أن يجيء، فدفعه أبو سعيد فطرحه، فقيل له: تصنع هذا بعبد الرحمن؟! فقال: والله لو أبى إلَّا أن آخذ شعره لأخذت.
وروى عبد الرزَّاق حديث الباب عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه، فقال فيه: إذ جاء شابٌّ، ولم يسمِّه، وعن مَعْمَر عن زيد بن أسلم فقال فيه: فذهب ذو قرابة لمروان. ومن طريق أبي العلانية عن أبي سعيد فقال فيه: مرَّ رجل بين يديه من بني مروان، وللنَّسائي من وجه آخر: فمرَّ ابن لمروان، وسمَّاه عبد الرزَّاق من طريق سُلَيمان بن موسى: داود بن مروان، ولفظه: أراد داود بن مروان أن يمرَّ بين يدي أبي سعيد، ومروان يومئذ أمير بالمدينة، فذكر الحديث، وبه جزم ابن الجَوْزي.
قال العَيني: وهذا كما رأيت الاختلاف في تسمية المبهم الذي في الصحيح، والأحسنُ: أن يقال بتعدُّد الواقعة لأبي سعيد مع غير واحد؛ لأنَّ في تعيين واحد من هؤلاء مع كون اتَّحاد الواقعة نظر لا يخفى. انتهى.
قال شيخنا: وفي تفسير الذي وَقَعَ في «الصحيح» بأنَّه الوليد، نظرٌ؛ لأنَّ فيه: أنَّه دخل على مروان، زاد الإسماعيلي: ومروان يومئذ على المدينة. انتهى قول الإسماعيلي.
قال شيخنا: ومروان إنَّما كان أميرًا على المدينة في خلافة معاوية، ولم يكن الوليد حينئذ بالمدينة؛ لأنَّه لما قُتِلَ عُثْمان تحوَّل إلى الجزيرة فسكنها حتَّى مات في خلافة معاوية، ولم يحضر شيئًا من الحروب الَّتي كانت بين علي ومن خالفه، وأيضًا فلم يكن الوليد يومئذ شابًّا، بل كان في عشر الخمسين، فلعلَّه كان فيه