للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأقبل ابن الوليد بن عُقْبَة فيُتَّجَهُ، وجزم ابن الجَوْزي ومن تبعه: بأنَّه داود بن مروان، وفيه نظر؛ لأنَّ فيه: إنَّه من بني أبي معيط، وليس مروان من بنيه، بل أبو مُعَيط ابن عم والد مروان؛ لأنَّه أبو مُعَيط بن أبي عَمْرو بن أميَّة، ووالد مروان هو الحكم بن أبي العاص بن أميَّة، وليست أمُّ داود ولا أمُّ مروان ولا أمُّ الحكم من ولد أبي مُعَيط، فيحتمل أن يكون داود نسب إلى أبي مُعَيط من جهة الرضاعة، أو لكون جدِّه لأمِّه عُثْمان بن عفَّان كان أخًا للوليد بن عُقْبَة بن أبي مُعَيط لأمِّه فنُسب داود إليه مجازًا، وفيه والأقرب الواقعة تعدَّدت، وأيضًا فعبد الرحمن مخزومي ما له من أبي مُعَيط نسبةٌ، والله أعلم. انتهى.

قوله: (مُعَيْطٍ) -بضمِّ الميم وفتح العين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره طاء مهملة- تصغير أمعط، وهو الذي لا شعر عليه، فالأمعط والأمرط سواء، وأبو مُعَيط في قُرَيش، واسمه: أبان بن أبي عمر، وذكوان بن أميَّة الأكبر هو والد عُقْبَة بن أبي مُعَيط الذي قتله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صبرًا.

قوله: (أَن يَجْتَازَ) بالجيم من الجواز.

قوله: (فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا) -بفتح الميم وبالغين المعجمة- أي طريقًا عليه المرور منها، يقال: ساغ الشراب في الحلق إذا نزل من غير الضَّرر، وساغ الشيء طابَ.

قوله: (مِنَ الأُوْلَى) أي من المرَّة الأولى، أو الدفعة الأولى.

قوله: (فَنَالَ مِنْ أَبي سَعِيدٍ) بالنُّون، أي أصاب من عِرضه بالشَّتم، وهو من النَّيل وهو الإصابة.

قوله: (ثُمَّ دَخَلَ عَلى مَرْوَانَ) وهو مروان بن الحكم -بفتح الكاف- الأموي أبو عبد الملك، يقال: إنَّه رأى النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله الواقدي، ولم يحفظ عنه شيئًا، وتوفِّي النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ابن ثمان سنين، مات بدمشق لثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقد تقدَّم ذكره في باب البصاق والمخاط ونحوه في الثَّوب.

قوله: (فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابنِ أَخِيْكَ) أي فقال مروان، فكلمة (مَا) مبتدأ، و (لَكَ) خبره، (وَلِابنِ أَخِيْكَ) عطف عليه بإعادة الخافض، وأطلق الأخوَّة باعتبار أنَّ المؤمنين إخوة، وفيه تأييد لقول من قال: إنَّ المارَّ بين يدي أبي سعيد الذي دفعه غير الوليد؛ لأنَّ أباه عُقْبَة قُتل كافرًا، واستدلَّ الرافعيُّ بهذه القصَّة على مشروعيَّة الدفع ولو لم يكن هناك مسلك غيره خلافًا لإمام الحرمين، ولابن الرِّفعة فيه بحث سنشير إليه في الحديث الذي بعده إن شاء الله تعالى، فإن قلت: لم يقل: ولأخيك، بحذف الابن. قال العَيني: نظرًا إلى إنَّه كان شابًّا أصغر منه.

قوله: (فَليَدْفَعْهُ) وفي رواية مسلم: ((فليدفع في نحره)). قال القُرْطُبي: أي بالإشارة ولطيف المنع.

قوله: (فَليُقاتِلْهُ) بكسر اللام الجازمة وبسكونها.

قوله: (فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) هذا من باب التشبيه حُذف منه أداة التشبيه للمبالغة، أي إنَّما هو كشيطان، أو يُراد به شيطان الإنس، وإطلاق الشَّيطان على المارد من الإنس سائغ شائع، وقد جاء في القرآن قوله تعالى: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنَّ} [الأنعام: ٢١١] وقال الخطَّابيُّ: معناه أنَّ الشَّيطان يحمله على ذلك ويحرِّكه إليه، وقد يكون أراد بالشَّيطان المارُّ بين يديه نفسه، وذلك أنَّ الشَّيطان هو المارد الخبيث من الجنِّ والإنس. وقال القُرْطُبي: ويحتمل أن يكون معناه الحامل له على ذلك الشيطانُ، يؤيِّده حديث ابن عُمَر عند مسلم: ((لا يدعْ أحدًا يمرُّ بينَ يدَيهِ، فإنْ

<<  <   >  >>