للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاثنان بصريان، وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده، وأنه لم يذكره إلا بنسبته إلى بلده واسط.

قوله: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، ثَلَاثًا لِمَنْ شَاءَ)

مطابقته للترجمة ظاهرة لأن معنى قوله: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ) : بين الأذان والإقامة.

وقال شيخنا: لعل المصنف أشار بذلك إلى ما روي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ((اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته)). أخرجه الترمذي والحاكم، لكن إسنادَه ضعيف. وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ومن حديث سلمان، أخرجهما أبو الشيخ ومن حديث أُبَي بن كعب أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند وكلها واهية، وكأنه أشار إلى أن التقدير بذلك لم يثبت. انتهى.

قال العيني: هذا كلام عجيب لأنه كيف يُترجم باباً ويورِدُ فيه حديثاً صحيحاً على شرطه ويشير بذلك إلى حديث ضعيف! فأي شيء هنا يدل على هذه الإشارة. انتهى.

قلت: قد أفاد شيخنا بما قاله فوائد (١) وهي ظاهرة في كلامه. انتهى.

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في الصلاة عن عبد الله بن يزيد المقري عن كهمس بن الحسن، وأخرجه مسلم فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة ووكيع كلاهما عن كهمس، وعن ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن الجريري، وأخرجه أبو داود فيه عن النفيلي عن إسماعيل بن عُلَيَّة عن الجريري، وأخرجه الترمذي فيه عن هناد عن وكيع به، وأخرجه النسائي فيه عن عبيد الله بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن كهمس به، وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة ووكيع به.

قوله: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ) أي الأذان والإقامة، فهو من باب التغليب. وقال الخطابي: حمْلُ أحد الاسمين على الآخر شائع كقولهم: الأسودان التمر والماء، والأسود إنما هو أحدُهما. وقال الكِرماني: ويحتمل أن يكون الاسم لكل واحد منهما حقيقةً لأن الأذان في اللغة: الإعلام، والأذانُ: إعلامٌ بحضور الوقت، والإقامةُ: إعلامٌ بفعل الصلاة.

قلتُ: الأذانُ إعلامُ الغائبين والإقامةُ إعلامُ الحاضرين. وقيل: لا يجوز حمل هذا على ظاهرِه لأن الصلاة واجبة بين كل أذاني وقتين. والحديث يخبر بالتخيير بقوله: ((لِمَنْ شَاءَ)).

قال شيخنا: وأجرَى المصنفُ الترجمةَ مجرى البيان للخبر لجزمه بأن ذلك المراد، وتوارد الشراح على أن هذا من باب التغليب كقولهم: القمرين، للشمس والقمر. ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذاناً لأنها إعلامٌ بحضور فِعلِ الصلاة.

قوله: (صَلَاةٌ) أي وقتُ صلاة، أو المراد: صلاةُ نافلة، أو نُكِّرت لتتناول كلَّ عددٍ نواه المصلي من النافلة كركعتين (٢) أو أربع أو أكثر. ويحتمل أن يكون المراد به الحث على المبادرة إلى المسجد عند سماع الأذان لانتظار الإقامة، لأن منتظر الصلاة في صلاة، قاله الزين بن المنير. كما أن الأذانَ إعلامٌ بدخول الوقت ولا مانع من حمل قوله: (أَذَانَيْنِ) على ظاهره، لأن


(١) في (الأصل) : ((قوائد)) والصواب ((فوائد)).
(٢) في (الأصل) : ((كرعتين)) والصواب ((كركعتين)).

<<  <   >  >>